الاثنين، 22 يونيو 2020

قتيل فيروس كورونا شهيد


 


الى أولئك الذين قتلهم الخوف قبل أن يصل اليهم فيروس كورونا وأهلكهم الفزع من هذا الفيروس الرحال الذي جاب شرق العالم وغربه حتى دخل القصور وأدخل المتجبرين القبور، أبشروا وأملوا خيرا فأمر المؤمن كله له خير والموت بفيروس كورونا من الخير الذي يعجل للمؤمن ومن يموت بهذا الفيروس خير له من أن يموت بدونه من غير مرض، وذلك أن من جعله كالطاعون فالموت بالطاعون شهادة فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (¢)، عَنِ النَّبِيِّ (‘) قَالَ: «الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ»([1]).

 

 ومن لم يجعله من جنس الطاعون فهو من جنس المبطون وفي كل للمؤمن شهادة وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (¢): أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (‘) قَالَ: " الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ "([2]) ومعلوم أن هذا الفيروس يصيب الرئتين وهي في جوف الانسان وهذا هو معنى البطن.

 

قال النووي (¬): (قال العلماء وإنما كانت هذه الموتات شهادة بتفضل الله تعالى بسبب شدتها وكثرة ألمها)([3]). ومعلوم أن فيروس كورونا يهاجم الجهاز التنفسي فيتألم المصاب به ألما لا يقل عن المبطون والغريق.

 

وقد كان السلف يتمنون الشهادة ولو كانت بالمرض بل يطلبونها وقد تمناها معاذ (¢) له ولأهل بيته فكان كما أراد فعَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْأَحْدَبِ قَالَ: خَطَبَ مُعَاذٌ بِالشَّامِ، فَذَكَرَ الطَّاعُونَ فَقَالَ: " إِنَّهَا رَحْمَةُ رَبِّكُمْ وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ، وَقَبْضُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ. اللهُمَّ أَدْخِلْ عَلَى آلِ مُعَاذٍ نَصِيبَهُمْ مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ ". ثُمَّ نَزَلَ مِنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ، فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [البقرة: 147] ، فَقَالَ مُعَاذٌ: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102] "([4]) وقد مات معاذ (¢) وأهل بيته بالطاعون مات راضيا مع ما ألم به من شدة النزع ولكن هون عليه علمه بأن مثل هذا الموت شهادة! وقد بين بعض الفقهاء أن قتيل فيروس كورونا شهيد. وأسأل الله أن يرفع الوباء ويطهر البلاد ويدفع السقم عن العباد.

 

 

 

 

 

عمر العبد الله

5 شعبان 1441ه



([1]) صحيح البخاري (4/ 24).

([2]) صحيح البخاري (4/ 24).

([3]) شرح النووي على مسلم (13/ 63).

([4]) مسند أحمد ط الرسالة (36/ 404).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الآجرّوميّة