الثلاثاء، 1 سبتمبر 2020

عمران بيت المقدس خراب يثرب

 



بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين أمّا بعد:

 

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ (¢)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (‘): «عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ»، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ الَّذِي حَدَّثَهُ، - أَوْ مَنْكِبِهِ - ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذَا لَحَقٌّ كَمَا أَنَّكَ هَاهُنَا»، أَوْ «كَمَا أَنَّكَ قَاعِدٌ»، يَعْنِي مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ)([1]).

 

هذا الحديث خارطة نبوية توضح للمسلمين ما يحدث بالضبط آخر الزمان والذي نحن فيه -والله اعلم- لكي يهيئوا أنفسهم ويستعدوا لما هو قادم فالقادم تبلغ به القلوب الحناجر، ويشيب من هوله الولدان!

 

ولكن ما نراه من المسلمين اليوم العكس تماما فهم في اللهو مغمورون ومن العصيان لا يتوبون فضلا عن الاعداد الايماني المطلوب من كل مؤمن فهذا للأسف نادر الوجود.

 

فجُلّ اهتمام الناس اليوم اختيار زوجة حوراء أو مركب فاره أو مسكن بأبعاد هندسية تحير الألباب! وأما دينهم وعقيدتهم وقضيتهم فهواء في شبك وكأنهم خُلقوا للأول دون الثاني! ولا حول ولا قوة الا بالله.

 

نأتي للحديث فأول علامة ذكرها النبي (‘): (عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ) اختلفت أنظار العلماء في بيان معنى هذه الجملة فمنهم من يقول عمرانه بنزول الخلافة فيها ومنهم من يقول بل عمرانها من قبل الكفار بعد خرابها.

 

قال الطيبي (¬) (لما كان عمران بيت المقدس باستيلاء الكفار عليه وكثرة عمارتهم فيها أمارة مستعقبة لخراب يثرب)([2]).

 

وعلى كلا القولين فإن هذه العلامة حصلت فإن كان المقصود منها نزول الخلافة فيها فقد كانت زمن عمر (¢) وما بعده لأن العلامات التي ذكرت لا يشترط وجودها مباشرة بعد تحقق التي قبلها بل يمكن وجود مهلة (وخلاصته أن كل واحد من هذه الأمور أمارة لوقوع ما بعده، وإن وقع هناك مهلة)([3]).

 

وان كان باستيلاء الكفار عليها مع كثرة مالهم وعقارهم فهذا ما نراه بالضبط في الوقت المعاصر بعد استيلاء اليهود على أرض الشام فلسطين وبناء المستعمرات على أكمل وجه فجعلوا منها بلادا تسر الناظرين وأعلنوا القدس عاصمة لهم فأخذوا من المسلمين كل شيء حتى أصبح في قانونهم الدولي أهل الأرض وليس لأهلنا في فلسطين شيء! وأنا الى هذا القول أميل؛ لأنه لا يمكن أن تخرب المدينة والقدس يحكمها المسلمون، إذن لا بد من خراب يثرب عمران بيت المقدس من الكفار واستيلائهم عليها كما هو مشاهد اليوم وقد شهد التاريخ ان المدينة ما زالت عامرة بوجود الخلفاء المسلمين.

 

فإذا تحقق عمران بيت المقدس فهو علامة على خراب يثرب ولكن هذا الخراب لا يستمر؛ بل ستعمر المدينة النبوية في عهد المهدي وتنفي شرار الناس عنها ولا يستطيع الدجال دخولها وتبقى عامرة نقية.

 

إذن من أسباب خراب يثرب عمران بيت المقدس ولعلّ التطبيع مع الصهاينة هو أعظم سبب لخراب يثرب. أو يكون خرابها بإرجاع اليهود فيها وقد أُمِر المسلمون اخراجهم منها وعدم تمكينهم فيها. كما جاء في الحديث: "أَخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ"([4])

قال ابن كثير (¬) (إشارة إلى أن المدينة المنورة ستتعرض للضعف حين يعمر بيت المقدس.. وليس المراد أن المدينة تخرب بالكلية قبل خروج الدجال، وإنما ذلك في آخر الزمان كما سيأتي بيانه في الأحاديث الصحيحة، بل تكون عمارة بيت المقدس سببا في خراب المدينة النبوية، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الدجال لا يقدر على دخولها يمنع من ذلك بما على أبوابها من الملائكة القائمين بأيديهم السيوف المصلتة.)([5])

 

وكذلك من خرابها ما رأيناه جميعا من منع المسلمين من الدخول الى المسجد النبوي وغلق جميع مساجد المدينة وهذا أيضا خراب لها وان كان له سبب ولكن النتيجة واحدة وقد تحققت.

 

وأيضا من خرابها ظهور الفجور فيها واستقدام أفجر خلق الله اليها يفجرون فيها ويضلون خلق الله في هذه البقعة الطاهرة ويؤذون نبينا (‘) بسبب مجونهم وعريهم وتركهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

وأيضا من خرابها خروج كثير من أهلها منها؛ بل ذهابهم الى دول الكفر والعيش فيها بدلا من العيش في المدينة المنورة وسيكون ذهابهم أيضا في الأيام القادمة الى إسرائيل لا ليحرروها من اليهود؛ بل ليمرحوا ويلهو معهم! إذن هذه العلامة تحققت وتتوضح أكثر في مستقبل الأيام.

 

جاء في الحديث «أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ القُرَى، يَقُولُونَ يَثْرِبُ، وَهِيَ المَدِينَةُ، تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ»([6]).

قال النووي (¬): (يعني أن بعض الناس من المنافقين وغيرهم يسمونها يثرب وإنما اسمها المدينة وطابة وطيبة ففي هذا كراهة تسميتها يثرب وقد جاء في مسند أحمد بن حنبل حديث عن النبي (‘) في كراهة تسميتها يثرب وحكي عن عيسى بن دينار أنه قال من سماها يثرب كتبت عليه خطيئة قالوا وسبب كراهة تسميتها يثرب لفظ التثريب الذي هو التوبيخ والملامة وسميت طيبة وطابة لحسن لفظهما)([7]).

 

إذن فلماذا أطلق عليها النبي (‘) لفظ يثرب في قوله (خراب يثرب)؟

الجواب: قال السهيلي: (وأما تسميته -- المدينة هنا يثرب؛ لما فيه من مناسبة ذكر التثريب وهو الحزن واللوم على خرابها، ألا ترى أنها لما كانت عامرة في زمانه -- سماها طابة؛ لطيب المقام فيها في ذلك الوقت، بخلاف أيام خرابها لما شقت الإقامة في الخرب المستهدم سماها يثرب)([8]).

 

ثم قال: (وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ):

أيضا اختلفوا في الملحمة في الجهات المتقاتلة منهم من قال بين أهل الشام والروم ومنهم من قال بين أهل الشام والتتار.

 

ووصفت في رواية أخرى بالملحمة العظمى وهي الحرب العظيمة تَبْلُغَ الدِّمَاءُ فيها نَحْرَ الْخَيْل زمنها قبل فتح القسطنطينية وقد ورد ذكرها في عدة أحاديث: قَالَ جُبَيْرٌ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى ذِي مِخْبَرٍ، رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (‘): فَأَتَيْنَاهُ فَسَأَلَهُ جُبَيْرٌ عَنِ الهُدْنَةِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (‘) يَقُولُ: " سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا، فَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ، فَتُنْصَرُونَ، وَتَغْنَمُونَ، وَتَسْلَمُونَ، ثُمَّ تَرْجِعُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ الصَّلِيبَ، فَيَقُولُ: غَلَبَ الصَّلِيبُ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيَدُقُّهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ، وَتَجْمَعُ لِلْمَلْحَمَةِ "([9]) وهذه الملحمة سميت في رواية بالعظمى وهي أشد من ملحمة الدجال يُكسر فيها الروم كسرا لا ينجبر أبدا.

 

والان نرى الأجواء معكرة وهي أجواء حرب وهذه المرة الحرب فيها مدمرة وقد تكون نووية ونرى ظهور دول جديدة على الساحة قد أرسلت بوارجها الحربية وتوجد مناوشات قد تكون الشرارة الحارقة!

 

إذن نحن على أبواب الملحمة الكبرى الفاصلة فالملاحم الصغيرة قد انتهى كثير منها وأحدثت دمارا كبيرا في بعض الدول.

 

(وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ).

 

وفتح هذه المدينة سيكون بالتكبير قال محمد الصنعاني: (وخروج الملحمة فتح القسطنطينية) أي فتح المسلمين إياها، وقد سلف أنها تفتح بالتكبير وهي الآن مستقر الإِسلام ومحل سلطان أهل الإِسلام فهذا إخبار عن أنها يأخذها الكفار ثم يفتحها بعد ذلك أهل الإِسلام)([10]).

 

وانما يفتحها المسلمون بالتكبير لأن الروم انكسروا في الملحمة العظمى فلم يقفوا في طريق المسلمون قد يبقى منهم ثلة لكنها لا تقوى على قتالهم فيستسلمون لهم ويسلمونهم المدينة قال النَّبِيُّ (‘) لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «سَتُقَاتِلُونَ بَنِي الْأَصْفَرِ فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا تَأْخُذُهُمْ فِي اللهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ حَتَّى تَسْتَفْتِحونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ»([11]).

 

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ (‘)، قَالَ: «سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ؟» قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ، فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا، فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ، قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا - قَالَ ثَوْرٌ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ - الَّذِي فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الْآخَرُ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيُفَرَّجُ لَهُمْ، فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ، إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ، فَقَالَ: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ، فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ "([12]) قال النووي (¬) (هذه المدينة هي القسطنطينية)([13])

 

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: «تَغْزُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ ثَلَاثَ غَزَوَاتٍ، فَأَمَّا غَزْوَةٌ وَاحِدَةٌ فَتَلْقَوْنَ بَلَاءً وَشِدَّةً، وَالْغَزْوَةُ الثَّانِيَةُ يَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ صُلْحٌ، حَتَّى يَبْتَنِيَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ الْمَسَاجِدَ، وَيَغْزُونَ مَعَهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَيْهَا، وَالْغَزْوَةُ الثَّالِثَةُ يَفْتَحُهَا اللَّهُ لَكُمْ بِالتَّكْبِيرِ، فَتَكُونُ عَلَى ثَلَاثِ أَثْلَاثٍ، يُخَرَّبُ ثُلُثُهَا، وَيُحْرَقُ ثُلُثُهَا، وَيَقْسِمُونَ الثُّلُثَ الْبَاقِي كَيْلًا»([14]).

 

وعَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «أَنْصَارُ اللَّهِ الَّذِينَ يَنْتَصِرُ بِهِمْ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ الْكُبْرَى أَهْلُ إِيمَانٍ لَا غِشَّ فِيهِمْ يَفْتَحُهَا اللَّهُ (¸) عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَسِيرُونَ فَيَدْخُلُونَ أَرْضَ الرُّومِ، فَلَا يَمُرُّونَ بِحِصْنٍ إِلَّا اسْتَنْزَلُوهُ وَلَا بِأَرْضٍ إِلَّا دَانَتْ لَهُمْ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى الْخَلِيجِ فَيُيْبِسُهُ اللَّهُ (¸) لَهُمْ حَتَّى تَجُوزَهُ الْخَيْلُ ثُمَّ يَسِيرُوا حَتَّى يَنْزِلُوا عَلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيُغْدُونَ عَلَيْهِمْ يَوْمًا حَتَّى يُدْنُوا حَائِطَهَا فَيُكَبِّرُوا تَكْبِيرَةً فَيَضَعُ اللَّهُ (¸) لَهُمْ مَا بَيْنَ بُرْجَيْنِ حَتَّى يَنْهَضُوا إِلَيْهَا وَلَا يَدْخُلُوهَا حَتَّى يَعُودُوا إِلَيْهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَيَفْعَلُونَ مِثْلَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَعُودُونَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى حَائِطِهَا، فَيُكَبِّرُوا تَكْبِيرَةً يَضَعُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ مَا بَيْنَ بُرْجَيْنِ، ثُمَّ يَنْهَضُوا إِلَيْهَا فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ فَيَأْتِيهِمْ آتٍ مِنَ الشَّامِ فَيُخْبِرُهُمْ أَنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ فَلَا يَفْزَعَنَّكُمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِسَبْعِ سِنِينَ بَعْدَ فَتْحِهَا فَخُذُوا وَاحْتَمِلُوا مِنْ غَنِيمَتِهَا»([15]).

 

(وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ) إذن لا يخرج الدجال حتى تفتح قسطنطينية وفتحها بعد الملحمة ولم تحدث الملحمة الى الان. ولكن جاءت أحاديث صحيحة تبين أن خروج الدجال بعد غزو المسلمين بلاد الروم وفتحها في الحديث: «تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللهُ» قَالَ: فَقَالَ نَافِعٌ: يَا جَابِرُ، لَا نَرَى الدَّجَّالَ يَخْرُجُ، حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ"([16]).

 

وحتى تجتمع الأحاديث يكون غزو الروم مباشرة بعد فتح القسطنطينية فيخرج الدجال وخروج الدجال عقب الفتح لا يعني بالضرورة مباشرة قد تكون هناك مدة فالفتح علامة على خروجه.

 

عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، قَالَ: «أَمِيرُ الْجَيْشِ الَّذِي يَفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ لَيْسَ بِسَارِقٍ وَلَا زَانٍ وَلَا غَالٍّ»([17]). لعل فيه إشارة الى اتهامه بهذه الامور فرفعت عنه التهمة مسبقا والله اعلم.

 

وأما المدة التي تكون من الملحمة الى خروج الدجال فقد جاءت رواية سبعة أشهر ورواية أخرى أصح منها كما قاله ابو داود ست سنين ويخرج الدجال في السابعة([18]).

 

قال ابن كثير (¬): "بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين ويخرج الدجال في السابعة". وهكذا رواه ابن ماجه، عن سويد بن سعيد، عن بقية بن الوليد، وهذا مشكل مع الذي قبله اللهم إلا أن يكون بين أول الملحمة وآخرها ست سنين، ويكون بين آخرها وفتح المدينة وهي القسطنطينية مدة قريبة بحيث يكون ذلك مع خروج الدجال في سبعة أشهر والله تعالى أعلم)([19]).

 

 

 

 

 

 

+++

 الخاتمة:

 

·       كثر في هذا الزمان الكلام في أحداث الساعة وليُعلم أن من هؤلاء الجاهل والكاذب والطالب للجاه والمال والشهرة والرجوع الى هدي الكتاب والسنة هو الواجب.

·       أن تنزيل الاحاديث على الواقع أمر جائز اذا كان الواقع يطابق الأثر ويبقى اجتهاد يرد عليه الخطأ والصواب.

·       مما لا شك فيه أننا في حقبة أحداث آخر الزمان فإذا كانت أول علامة ظهرت ببعثة النبي (‘) فكيف بزماننا وقد مضى أكثر من ألف واربعمائة سنة ورأينا جلّ العلامات.

·       إذا علمنا أن زماننا هذا آخر الزمان فينبغي الاستعداد الايماني المكثف لأن الفتن تكثر وتنتشر كانتشار النار في الهشيم.

·       رصّ صفوف المسلمين واجب قطعي الدلالة والثبوت، وعليه فترك الأمور التافهة أو ما يخشى منه تفرقة المسلمين لا مناص منه في سبيل نهوض أمة.

·       الالتفاف حول علماء الأمة الربانيين، ومن يخشون الله حق خشيته ولا يعطون الدنية في الدين والنزول عند آرائهم خصوصا عند نزول الفتن.

 

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين



([1]) خرجه أبو داود (4/ 110) وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 754).

([2]) شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (11/ 3429).

([3]) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3417).

([4]) أخرجه البخاري (4/ 70) ومسلم (3/ 1258).

([5]) النهاية في الفتن والملاحم (1/ 94).

([6]) صحيح البخاري (3/ 21).

([7]) شرح النووي على مسلم (9/ 154).

([8]) شرح سنن أبي داود لابن رسلان (17/ 94).

([9]) سنن أبي داود (4/ 109).

([10]) التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 344).

([11]) المعجم الكبير للطبراني (17/ 21).

([12]) صحيح مسلم (4/ 2238).

([13]) شرح النووي على مسلم (18/ 45).

 

([14]) الفتن لنعيم بن حماد (2/ 472).

([15]) السنن الواردة في الفتن للداني (6/ 1135).

([16]) صحيح مسلم (4/ 2225).

([17]) السنن الواردة في الفتن للداني (6/ 1134).

([18]) ينظر فتح الباري لابن حجر (6/ 278).

([19]) النهاية في الفتن والملاحم (1/ 97).

الآجرّوميّة