الأحد، 18 أكتوبر 2020

العراق قبَّة الاسلام

 


 



 بسم الله الرحمن الرحيم

 

 المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين أما بعد:

 

العراق: " مفتاح الشرق ومسلك النور وقلب الأرض"! ففي أرض الرافدين كان أول اختراع للكتابة وأول ظهور لقوانين المدنية وفيه أول الحضارات وأقوى الامبراطوريات، ولعل أعظم بلدان العالم هو العراق لما يتمتع به من الخصائص العجيبة والخيرات الوفيرة فقد أودع الله فيه الطبيعة الجميلة والتضاريس المتنوعة والأنهار العذبة والمناخ الجميل والمعادن النفيسة إضافة الى أنه قلب الأرض وفيه أقدم الحضارات على الاطلاق وتم حكمه من أعظم الملوك.

 

ومن أعظم الأمصار الكوفة وهي ثاني عواصم الدولة الاسلامية حكمها ونزل فيها مقيما أشرف الخلق في عصره الكرار أسد الله الغالب علي بن أبي طالب (¢) وهي ثاني مدينة مصرت في الاسلام.

 

قال المتنبي في العراق:

أنت نجوم الليل والظلمِ

أنت شفاء العين من رمدٍ

أنت لقاء الله بالأممِ

أنت دواء القلب من عجزٍ

 

وكذلك مما يلفت النظر أن ذكره ورد بأسماء كثيرة في الكتب المقدسة وقد ورد ذكره في القرآن في سورة البقرة بلفظ بابل بل ان أكثر كلمة وردت في التوراة بعد لفظة بني إسرائيل هي (أسماء العراق) منها بابل وشنعار وبلاد ما بين النهرين وغير ذلك!

 

وقد تعاقبت فيه حضارات شتى بلغ صدى عبقريتها وقوتها أقطاب المعمورة وهي حضارة سومر وأكد وبابل وآشور وكلدان وقد كان الناس في العصر القديم تحت سطوة ملوك العراق الأقوياء الأشداء ولكنهم آنذاك كانوا لا يدينون بدين سماوي لذا حاربوا ودمروا أورشليم والهيكل وسبوا بني إسرائيل وأذلوهم غاية الذل وأتوا بهم الى بابل!

 

وسمي العراق بهذا الاسم لقربه من الساحل حيث يسمى كل مكان قرب الساحل بالعراق قال أبو القاسم الزّجاجي: (قال ابن الأعرابي سمي عراقا لأنه سفل عن نجد ودنا من البحر، أخذ من عراق القربة وهو الخرز الذي في أسفلها)([1]).

 

و(العراق ناحية مشهورة، وهي من الموصل إلى عبادان طولاً، ومن القادسية إلى حلوان عرضاً. أرضها أعدل أرض الله هواء وأصحها تربة وأعذبها ماء. وهي كواسطة القلادة من الاقليم، وأهلها أصحاب الأبدان الصحيحة والأعضاء السليمة، والعقول الوافرة والآراء الراجحة وأرباب البراعة في كل صناعة)([2]).

 

وقد تكلم الناس قديما وحديثا في فضل العراق وفضل أهلها: (وأما العراق فهي السلطنة العظمى التي هي من الدنيا بمنزلة القلب من الجسد، ومن ملكها فله الفضيلة على سلاطين العالم، وبها كانت أكاسرة)([3]).

 

قال الخليل: (هو لغةً شاطئ البحر، وسمي العراق بذلك لأنه على شاطئ دجلة والفرات والعراق ما بين هيت إلى السند والصين، إلى الري وخراسان، إلى الديلم، وقيل سمي العراق لأنه مأخوذ من عراقي الدلو.

والكوفة والبصرة تسمى العراقان، فحد أرض العراق ما بين الخزر إلى السواد فسواد الكوفة كسكر إلى الزاب إلى عمل حلوان إلى القادسية وسواد البصرة الأهواز وفارس ودهستان، وهذه كلها من العراق، والعراق وسط الدنيا ومستقر الممالك الجاهلية والإسلامية، وعين الدنيا، وفيه الدجلة والفرات، وهما الرافدان وفيه القواعد العظيمة والأعمال الشريفة)([4]).

 

(وعندما فتح المسلمون العراق في عهد عمر أصبح منطلقا لفتوحات عظيمة شملت فارس والسند وبعض بلاد الهند وأذربيجان وما وراء النهرين - سيحون وجيحون -)([5]).

 

وهو بلد الأنبياء منهم إمام الحنفاء إبراهيم الخليل (‘) وبلد إقامة أهل البيت ودخله سبعون بدريا وفيه رست سفينة نوح (‘) وفيه فقهاء الدنيا وأولياء الله في الأرض والزهاد والعارفون وهي مقصد أهل الدنيا في ذلك الوقت.

 

(وبلاد الرافدين هي الأقليم الرابع وهو من أحسن الأقاليم (وقسمة الأقاليم على الكواكب السبعة- الخمسة والنيرين- ووصف الإقليم الرابع وتفضيله على سائر الأقاليم: وما خص به ساكنوه من الفضائل التي باينوا بها سكان غيره منها)([6]).

(والإقليم الرابع الَّذِي فِيهِ العراق- وفي العراق بغداد- هو صفوة الأرض ووسطها لا يلحق من فِيهِ عيب سرف ولا تقصير، فكذلك اعتدلت ألوان أهله، وامتدت أجسامهم، وسلموا من شقرة الروم والصقالبة)([7]).

 

 (وقال ذورثيوس: إني قد وطئت بلادا كثيرة حتى أتيت إلى البلاد العامرة ذات الأرباب الكثيرة ومصب الفرات وهي أرض بابل ذات الأبنية المنيفة والقصور المشيدة.

ومع هذا فإن هذا الإقليم وسط الأقاليم السبعة والمعتدلة. وذلك الموضع الذي ينقسم الزمان أربعة أقسام فلا يخرج فيه من شتاء إلى صيف حتى يمر بنا فصل الربيع، ولا يخرج من صيف إلى شتاء حتى يمر بنا فصل الخريف. وكفى بهذا الإقليم فضيلة أن أكثر أموال المملكة تجبى منه لفضل عمارته وخيره من غير أن يحتاج له من النفقة إلّا إلى الجزء اليسير من ارتفاعه)([8]).

 

(وإنما رجعنا إلى ذكر مدينة بغداد، بعد تقديم ما وجب تقديمه، لأنها أصل المدائن، وأحسنها بنيانا، وأطيبها هواء.

وهي في وسط الإقليم الرابع، الذي هو أعز الأقاليم، وأهلها أعظم الناس في ضروب اللبّ والفهم)([9]).

 

وقال المقدسي البشاري: (هذا إقليم الظرفا، ومنبع العلماء،، لطيف الما، عجيب الهوا، ومختار الخلفاء،، اخرج ابا حنيفة فقيه الفقهاء، وسفيان سيّد القرّاء،، ومنه كان ابو عبيدة والفرّا، وابو عمرو صاحب المقرا ،، وحمزة والكسائيّ وكلّ فقيه ومقرئ واديب، وسريّ وحكيم وداه وزاهد ونجيب، وظريف ولبيب،، به مولد إبراهيم الخليل، واليه رحل كلّ صحابىّ جليل،، اليس به البصرة التي قوبلت بالدنيا، وبغداد الممدوحة في الورى،، والكوفة الجليلة وسامرّا، ونهره من الجنّة بلا مرا،، وتمور البصرة فلا تنسى، ومفاخره كثيرة لا تحصى..)([10]).

(وقال عبد الملك بن عمير: الفرات نهر من أنهار الجنّة، لولا ما يخالطه من الأذى، ما تداوي به مريض إلّا أبرأه الله، فإن عليه ملكا يذود عنه الأدواء.

وقال سماك بن حرب: أصبت ببصري فرأيت إبراهيم (عليه السلام) في منامي فقال: ائت الفرات فاستقبل بعينيك جرية الماء، ففعلت فردّ الله عليّ بصري)([11]).

 

(وكانت بغداد، في ذلك الوقت، من أكبر مراكز العلم في العالم الإِسلامي، فكانت محط رحال العلماء من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب. أنشأ بها نظام الملك، الوزير السلجوقي 486، المدرسة النظامية وافتتحت رسمياً سنة (459 ç) ، وقد جلب إليها من شيوخ العلم وحفّاظ الحديث مما أهَّلها لأن تصبح جامعة ذلك العصر)([12]).

 

وقد دعا نبينا (‘) لأهل العراق وأثنى عليهم وكذلك أثنى عليهم عمر (¢).

 

قَالَ مَعْمَرٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ (‘) نَظَرَ إِلَى الشَّامِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اعْطِفْ بِقُلُوبِهِمْ إِلَى طَاعَتِكَ، وَأَحِطْ مِنْ وَرَائِهِمْ إِلَى رَحْمَتِكَ» ، قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الْعِرَاقِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ"([13]).

 

والعراق أحد جناحي بلاد الاسلام كَسْرُه كَسْر لأهل الاسلام عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: لَقِيَ النَّبِيُّ (‘) أَبَا ذَرٍّ وَهُوَ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَعْجَبُ مِنِّي؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ مِمَّا تَلْقَوْنَ مِنْ أُمَرَائِكُمْ بَعْدِي» قَالَ: أَفَلَا آخُذُ سَيْفِي فَأَضْرِبُ بِهِ، قَالَ: «لَا، وَلَكِنِ اسْمَعْ وَأَطِعْ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعًا، فَانْقَدْ حَيْثُ مَا قَادَكَ، وَانْسَقْ حَيْثُ مَا سَاقَكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ أَسْرَعَ أَرْضِ الْعَرَبِ خَرَابًا الْجَنَاحَانِ: مِصْرُ وَالْعِرَاقُ»([14]).

 

وقد كان الفاروق عمر (¢) يوصي الناس بالمقام في العراق قَالَ حَنَشُ بْنُ الْحَارِثِ: سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ، قَالَ: قَدِمْنَا مِنَ الْيَمَنِ , نَزَلْنَا الْمَدِينَةَ فَخَرَجَ عَلَيْنَا عُمَرُ فَطَافَ فِي النَّخْعِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ النَّخْعِ , إِنِّي أَرَى الشَّرَفَ فِيكُمْ مُتَرَبِّعًا فَعَلَيْكُمْ بِالْعِرَاقِ وَجُمُوعِ فَارِسَ , فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا بَلْ الشَّامُ نُرِيدُ الْهِجْرَةَ إِلَيْهَا , قَالَ: لَا بَلِ الْعِرَاقُ , فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُهَا لَكُمْ , قَالَ: حَتَّى قَالَ بَعْضُنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] , قَالَ: فَلَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ , عَلَيْكُمْ بِالْعِرَاقِ , قَالَ: فِيهَا جُمُوعُ الْعَجَمِ وَنَحْنُ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ , قَالَ: فَأَتَيْنَا الْقَادِسِيَّةَ فَقُتِلَ مِنَ النَّخْعِ وَاحِدٌ , وَكَذَا وَكَذَا رَجُلًا مِنْ سَائِرِ النَّاسِ ثَمَانُونَ , فَقَالَ عُمَرُ: مَا شَأْنُ النَّخْعِ , أُصِيبُوا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ النَّاسِ , أَفَرَّ النَّاسُ عَنْهُمْ؟ قَالُوا: لَا بَلْ وُلُّوا أَعْظَمَ الْأَمْرِ وَحْدَهُمْ "([15]).

 

وخيار أهل العراق هم جيش الاسلام ودرع المهدي الحصين فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ (‘)، عَنِ النَّبِيِّ (‘) قَالَ: «يَكُونُ اخْتِلَافٌ عِنْدَ مَوْتِ خَلِيفَةٍ، فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَارِبًا إِلَى مَكَّةَ، فَيَأْتِيهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَيُخْرِجُونَهُ وَهُوَ كَارِهٌ، فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَيُبْعَثُ إِلَيْهِ بَعْثٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَيُخْسَفُ بِهِمْ بِالْبَيْدَاءِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَإِذَا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ أَتَاهُ أَبْدَالُ الشَّامِ، وَعَصَائِبُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، ثُمَّ يَنْشَأُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَخْوَالُهُ كَلْبٌ، فَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ بَعْثًا، فَيَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ بَعْثُ كَلْبٍ، وَالْخَيْبَةُ لِمَنْ لَمْ يَشْهَدْ غَنِيمَةَ كَلْبٍ، فَيَقْسِمُ الْمَالَ، وَيَعْمَلُ فِي النَّاسِ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ (‘)، وَيُلْقِي الْإِسْلَامُ بِجِرَانِهِ فِي الْأَرْضِ، فَيَلْبَثُ سَبْعَ سِنِينَ، ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ»([16]).

 

قَالَ عُمَرُ (¢): «الْكُوفَةُ رُمْحُ اللَّهِ، وَكَنْزُ الْإِيمَانِ، وَجُمْجُمَةُ الْعَرَبِ يُحْرِزُونَ ثُغُورَهُمْ، وَيَمُدُّونَ الْأَمْصَارَ»([17]).

 

وعَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: «يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، أَنْتُمْ رَأْسُ الْعَرَبِ وَجُمْجُمَتُهَا وَسَهْمِي الَّذِي أَرْمِي بِهِ إِنْ أَتَانِي شَيْءٌ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَإِنِّي بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَاخْتَرْتُهُ لَكُمْ وَآثَرْتُكُمْ بِهِ عَلَى نَفْسِي إِثْرَةً»([18]).

 

وعَنْ جُنْدُبٍ الْأَزْدِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ سَلْمَانَ إِلَى الْحِيرَةِ فَالْتَفَتَ إِلَى الْكُوفَةِ فَقَالَ: «قُبَّةُ الْإِسْلَامِ، مَا مِنْ أَحْصَاصٍ يُدْفَعُ عَنْهَا مَا يُدْفَعُ عَنْ هَذِهِ الْأَحْصَاصِ، كَانَ بِهَا مُحَمَّدٌ (‘)، وَلَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَجْتَمِعَ كُلُّ مُؤْمِنٍ فِيهَا أَوْ رَجُلٌ هَوَاهُ إِلَيْهَا»([19]).

 

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُخَيِّمُ كُلُّ مُؤْمِنٍ بِالْكُوفَةِ»([20])

 

وعَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: «الْكُوفَةُ قُبَّةُ الْإِسْلَامِ، يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى فِيهَا مُؤْمِنٌ إِلَّا بِهَا أَوْ قَلْبُهُ يَهْوَى إِلَيْهَا»([21]).

 

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: «يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَنْتُمْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِالْمَهْدِيِّ»([22]).

قال القاضي عياض: «ورُوي أن المهدي قال له -أي مالك-: ضع كتاباً أحمل الأمة عليه. فقال له مالك: أما هذا الصقع يعني المغرب، فقد كفيته، وأما الشام ففيه الأوزاعي، وأما أهل العراق فهم أهل العراق»([23]).

 

 

(وقالت طريفة: من كان منكم يريد الثياب الرقاق، والخيل العتاق، وكنوز الأرزاق، والدم المهراق، فليلحق بأرض العراق)([24]).

 

والعراق من أهم حواضر العلم قال رجل لعمرو بن العاص (¢) : صف لي الأمصار.

قال: أهل الشام: أطوع الناس لمخلوق، وأعصاه للخالق، وأهل مصر: أكيسهم صغارا، وأحمقهم كبارا، وأهل الحجاز: أسرع الناس إلى الفتنة، وأعجزهم عنها، وأهل العراق: أطلب الناس للعلم، وأبعدهم منه([25]).

لما انتصر الحجاج، جيء بابن القرية، فقال: أخبرني عن أهل العراق؟

قال: أعلم الناس بحق وبباطل([26]).

 

وعَنْ عَامِرٍ، قَالَ: " كَتَبَ عُمَرُ إِلَيْهِمْ: إِلَى رَأْسِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ"([27]).

 

وأما قول الحجاج فيهم أنهم أهل الشقاق والنفاق فان صح عنه فإنه كان ظالما وهم لا يرضون به فتمردوا عليه فوصفهم به وهم أبعد الناس منه وكذلك لا يخلو بلد من أهل النفاق فقد كان المنافقون يصلون خلف النبي (‘) ويؤذونه ومع ذلك أرضها خير أرض وفيها خيار الناس.

 

والجميل أن أهل العراق قد تجذرت فيهم الشهامة وتأصلت فيهم الغيرة ولم تتغير فطرهم السليمة حتى قُدِّر عليهم الانفتاح فغير مفاهيم كثيرة وانحرفت أسر وتبدلت أفكار وغيب الناس عن دينهم وكثر فيهم الهرج والمرج .. ولكن لا يزال في الناس ثلة يصلحون ما أفسده الفاسدون. {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } [محمد: 38].



([1]) معجم البلدان (4/ 93).

([2]) آثار البلاد وأخبار العباد (ص: 419).

([3]) مسالك الأبصار في ممالك الأمصار (5/ 166).

([4]) الروض المعطار في خبر الأقطار (ص: 410).

([5]) معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص: 202).

([6]) التنبيه والإشراف (1/ 4).

([7]) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (8/ 70).

([8]) البلدان لابن الفقيه (ص: 334).

([9]) آكام المرجان فى ذكر المدائن المشهورة فى كل مكان (ص: 33).

([10]) أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم (ص: 113).

([11]) البلدان لابن الفقيه (ص: 211).

([12]) القبس في شرح موطأ مالك بن أنس (ص: 37).

([13]) جامع معمر بن راشد (11/ 250).

([14]) جامع معمر بن راشد (11/ 334).

([15]) مصنف ابن أبي شيبة (6/ 553).

([16]) سنن أبي داود (4/ 107).

([17]) مصنف ابن أبي شيبة (6/ 408).

([18]) المستدرك على الصحيحين للحاكم (3/ 356).

([19]) مصنف ابن أبي شيبة (6/ 407).

([20]) مصنف ابن أبي شيبة (6/ 408).

([21]) المصدر السابق.

([22]) السابق.

([23]) موطأ مالك ت الأعظمي (1/ 75).

([24]) أخبار مكة للأزرقي (1/ 95).

([25]) سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 57).

([26]) سير أعلام النبلاء ط الرسالة (4/ 346).

([27]) مصنف ابن أبي شيبة (6/ 408).


الآجرّوميّة