بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:
الحمد لله رب
العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
والتابعين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين أما بعد:
ضبط
النبي الكريم
(‘) لأمته خارطة الزمان والمكان وذكر لهم كل شيء سواء من القرآن أو من السنة
المشرفة مما لا يدع الوهم يسيطر على هذه الأمة المباركة والتي هي آخر الأمم
وأفضلها وبيّن لنا مايكون من أحداث سواء كانت عظيمة أم حقيرة بيانا شافيا كافيا
ومن ضمن هذه الخارطة المباركة ما قال (‘) فيه (يأتي على الناس زمان..) وقد جمعت هذه الأحاديث استطاعتي وبيان شيئا
من معناها لكي نقتبس من هذا النور الذي أضاء للناس حياتهم ونستأنس بذكر هذه
الأخبار المباركة.
وكذلك فإن هذه الأخبار النبوية هي علامات
النبوة مما لا تدع شكا لدى أحد درسها في نبوة محمد (‘) لأنه لا يمكن لبشر أن يصف أحداث كثيرة ودقيقة وتقع بعد مئات السنين على
نحو ما أخبر به! فهي بلا شك تدعو الى اليقين بنبوة محمد (‘).
وأسأل
الله أن ينفع بها عموم المسلمين {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ
أُنِيبُ } [هود: 88].
عمر العبد الله
19 رمضان 1441ه
الحديث الأول: عن أبي هُرَيْرَةَ،
قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ (‘): «يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ،
يَأْتُونَكُمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ، وَلَا
آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ، لَا يُضِلُّونَكُمْ، وَلَا
يَفْتِنُونَكُمْ»[1].
قَالَ عَبْدُ اللهِ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ لِيَتَمَثَّلُ فِي صُورَةِ
الرَّجُلِ، فَيَأْتِي الْقَوْمَ، فَيُحَدِّثُهُمْ بِالْحَدِيثِ مِنَ الْكَذِبِ،
فَيَتَفَرَّقُونَ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ: سَمِعْتُ رَجُلًا أَعْرِفُ
وَجْهَهُ، وَلَا أَدْرِي مَا اسْمُهُ يُحَدِّثُ "[2].
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: «إِنَّ فِي
الْبَحْرِ شَيَاطِينَ مَسْجُونَةً، أَوْثَقَهَا سُلَيْمَانُ، يُوشِكُ أَنْ
تَخْرُجَ، فَتَقْرَأَ عَلَى النَّاسِ قُرْآنًا»[3].
معنى الحديث:
قال الطيبي (¬) : ( يقول: سيكون جماعة يقولون للناس: نحن علماء ومشايخ، وندعوكم إلى
الدين، وهم كاذبون في ذلك، ويتحدثون بالأحاديث الكاذبة، ويبتدعون أحكاماً باطلة،
واعتقادات فاسدة، ((فإياكم)) أي احذروهم، انتهى كلامه.
قيل: يجوز أن
تحمل ((الأحاديث)) على المشهور عند المحدثين، فيكون المراد بها الموضوعات وأن يراد
بها ما هو بين الناس، أي يحدثونكم بالذي ما سمعتم عن السلف من علم الكلام، فإنه لم
يتكلم فيه الصحابة والتابعون.
قال محيي السنة
في شرح السنة: واتفق علماء السلف من أهل السنة على النهي عن الجدال والخصومات في
الصفات، وعلى الزجر عن الخوض في علم الكلام وتعلمه)[4].
وقال ابن رجب (¬): (يعني: أنهم يأتون بما تستنكره قلوب المؤمنين، ولا تعرفه، وفي قوله: أنتم
ولا آباؤكم إشارة إلى أن ما استقرت معرفته عند المؤمنين مع تقادم العهد وتطاول
الزمان، فهو الحق، وأن ما أحدث بعد ذلك مما يستنكر فلا خير فيه)[5].
الحديث الثاني: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ (¢)، قَالَ: قَالَ لِي: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ، وَتَتَّخِذُهَا،
فَأَصْلِحْهَا وَأَصْلِحْ رُعَامَهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ (‘) يَقُولُ «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، تَكُونُ الغَنَمُ فِيهِ خَيْرَ
مَالِ المُسْلِمِ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ، أَوْ سَعَفَ الجِبَالِ فِي
مَوَاقِعِ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ»[6].
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (‘): «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَحِلُّ فِيهِ الْعَزَبَةُ, وَلَا
يَسْلَمُ لِذِي دِينٍ دِينُهُ إِلَّا مَنْ فَرَّ بِدِينِهِ مِنْ شَاهِقٍ إِلَى
شَاهِقٍ أَوْ مِنْ جُحْرٍ إِلَى جُحْرٍ كَالطَّائِرِ يَفِرُّ بِفِرَاخِهِ
وَكَالثَّعْلَبِ بِأَشْبَالِهِ» , ثُمَّ قَالَ: «مَا أَتْقَاهُ فِي ذَلِكَ
الزَّمَانِ رَاعٍ أَقَامَ الصَّلَاةَ بِعِلْمٍ يُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي
الزَّكَاةَ وَيَعْتَزِلُ النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ , وَلَمِائَةُ شَاةٍ
عَفْرَاءُ أَرْعَاهَا بِسَلْعٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُلْكِ بَنِي النَّضِيرِ ,
وَذَلِكَ إِذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا»[7].
معنى الحديث:
قال ابن رجب
(¬): (وليس في الحديث إلا الإشعار بفضل من
يفر بدينه من الفتن؛ لكن لما جعل الغنم خير مال المسلم في هذه الحال دل على أن هذا
الفعل من خصال الإسلام والإسلام هو الدين.. فقوله
(‘) " يوشك " تقريب منه للفتنة،
وقد وقع ذلك في زمن عثمان كما أخبر به
(‘) وهذا من جملة أعلام نبوته
(‘).
وإنما كان الغنم خير مال المسلم -
حينئذ -؛ لأن المعتزل عن الناس بالغنم يأكل من لحومها ونتاجها ويشرب من ألبانها
ويستمتع بأصوافها باللبس وغيره، وهي ترعى الكلأ في الجبال وترد المياه؛ وهذه
المنافع والمرافق لا توجد في غير الغنم؛ ولهذا قال: " يتبع بها شعف الجبال
" وهي رءوسها وأعاليها؛ فإنها تعصم من لجأ إليها من عدو. و" مواقع القطر
" لأنه يجد فيها الكلأ والماء فيشرب منها ويسقي غنمه وترعى غنمه من الكلأ.
وقوله:" يفر بدينه من الفتن
" يعني: يهرب خشية على دينه من الوقوع في الفتن؛ فإن من خالط الفتن، وأهل
القتال على الملك لم يسلم دينه من الإثم إما بقتل معصوم أو أخذ مال معصوم أو
المساعدة على ذلك بقول ونحوه وكذلك لو غلب على الناس من يدعوهم إلى الدخول في كفر
أو معصية حسن الفرار منه. وقد مدح الله من فر بدينه خشية الفتنة عليه فقال - حكاية
عن أصحاب الكهف _ {وَإِذِ
اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ}
[الكهف: 16].)[8].
الحديث الثالث: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (‘): «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالقَابِضِ
عَلَى الجَمْرِ»[9].
وفي رواية:
"فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ
قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا
يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ»، وَزَادَنِي غَيْرُهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: «أَجْرُ خَمْسِينَ
مِنْكُمْ»[10].
معنى الحديث:
قال أبو عمر (¬): (وهذه الأحاديث تقتضي مع تواتر طرقها وحسنها التسوية بين أول هذه الأمة
وآخرها والمعنى في ذلك ما قدمنا ذكره من الإيمان والعمل الصالح في الزمن الفاسد
الذي يرفع فيه العلم والدين من أهله ويكثر الفسق والهرج ويذل المؤمن ويعز الفاجر
ويعود الدين غريبا كما بدأ ويكون القائم فيه بدينه كالقابض على الجمر فيتسوي حنيئذ
أول هذه الأمة بآخرها في فضل العمل إلا أهل بدر والحديبية والله أعلم)[11].
وقال الطيبي (¬): (أي كما لا يقدر القابض على الجمر أن لا يصبر لاحتراق يده، كذلك المتدين
يومئذ لا يقدر على ثباته على دينه لغلبة العصاة والمعاصي، وانتشار الفتن وضعف
الإيمان)[12].
الحديث الرابع: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (‘) يَقُولُ: «يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يُخَيَّرُ فِيهِ الرَّجُلُ بَيْنَ
الْعَجْزِ وَالْفُجُورِ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ، فَلْيَخْتَرِ
الْعَجْزَ عَلَى الْفُجُورِ»[13].
معنى الحديث:
(سيأتي على
الناس زمان يخير فيه الرجل بين العجز والفجور) أي بين أن يرتكب ما يرتكبه الفجرة
أو يقال أنه عاجز ويذم بذلك (فمن أدرك ذلك الزمان فليختر العجز على الفجور) لأنه
لا يأثم بالاتصاف بالعجز عن معصية الله سبحانه)[14].
وقد ابتلي
المؤمنون بهذا الزمن الذي وصف فيه كل شيء يدعو الى التدين ونبذ المعاصي من السفور
والربا وغير ذلك من المعاصي وصف بالرجعية والعجز في نظر الغرب وأذنابهم وأما ما يفعلونه ولو خالف الفطرة فإنهم
يسمونه تقدما!
الحديث الخامس: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ
يَجْتَمِعُونَ وَيُصَلُّونَ فِي الْمَسَاجِدِ، وَلَيْسَ فِيهِمْ مُؤْمِنٌ»[15].
معنى الحديث:
قال الذهبي (¬): (ومعناه أي مؤمن كامل الايمان، فأراد: ليس فيهم مؤمن سليم من النفاق بحيث
أنه غير مرتكب صفات النفاق من إدمان الكذب والخيانة، وخلف الوعد والفجور والغدر،
وغير ذلك.
ونحن اليوم نرى
الأمة من الناس من أعراب الدولة يجتمعون في المسجد وما فيهم مؤمن، بل ونحن منهم.
نسأل الله توبة وإنابة إليه، فإن الله تعالى يقول في كتابه: قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا
ولكن قولوا أسلمنا.
وهذا باب واسع
ينبغي للشخص أن يترفق فيه بأمة محمد (‘)، فلا يسلبهم الايمان والإسلام، كفعل الخوارج والمعتزلة
المكفرة أهل القبلة بالكبائر، ولا ننعتهم بالايمان الكامل كما فعلت المرجئة، فالمسلم
هو من سلم المسلمون من لسانه ويده)[16].
الحديث السادس: عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (‘): " يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ حَدِيثُهُمْ فِي
مَسَاجِدِهِمْ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُمْ، فَلَا تُجالِسُوهُمْ، فَلَيْسَ لِلَّهِ
فِيهِمْ حَاجَةٌ " هَكَذَا جَاءَ مُرْسَلًا)[17].
معنى الحديث:
قال الطيبي (¬): (قوله: ((فليس لله فيهم حاجة)) كناية عن براءة الله (سبحانه وتعالي) عنهم، وخروجهم عن ذمة الله، وإلا فالله (سبحانه وتعالي) منزه عن الحاجة مطلقاً. وفيه تهديد عظيم ووعيد شديد، وذلك
أنه ظالم في ظلمه، حيث يضع الشيء في غير موضعه)[18].
وكلما قلّ
الوازع الديني لدى الناس ضعف تعظيمهم لشعائر الله ومنها المساجد ونحن نلمس ذلك في أيامنا هذه حيث جردت
المساجد مما جعلت له فتجد الناس يرفعون أصواتهم فيها متحابين ومتباغضين بل إنهم
قلبوها أسواقا يبيعون ويشترون فيها! وهذا كله من الاستخفاف بحرمات الله ودليل الران على القلوب.
الحديث السابع: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -‘ -: "سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ
خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ،
وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ
فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ" قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: "الرَّجُلُ
التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ"[19].
معنى الحديث:
قال السيوطي (¬): (قوله سيأتي على الناس سنوات خداعات أي يكثر فيها الامطار ويقل الريع
فذلك خداعها لأنها تطمعهم في الخضب بالمطر ثم تخلف وقيل الخداعة القليلة المطر من
خدع الريق إذا جف)[20].
وقال ابن بطال (¬) : ( وقد رأينا أكثر هذه العلامات وما بقى منها فغير بعيد)[21].
قلت: ظاهر
الحديث يدل على خلاف ما فسر به السيوطي هذا الحديث، فالحديث ذكر السنين الخداعات
وبين أنها كناية عن الناس وليس الطبيعة ونحن نعيش هذه العلامات كما ذكر ابن بطال
وهذا في زمنه أما بعد عشر قرون من كلامه فالعلامات أوشكت على التمام بل تنكر الناس
للدين حتى عاد الإسلام غريبا وأهله غرباء.
وكل ما ذكر في
الحديث حصل ومنها ظهور الرويبضة حتى أن كثيرا منهم اعتلوا قمة المناصب وأمسكوا
برقاب الناس وحازوا أموالهم ظلما وعدوانا ولا تقوم للمسلمين قائمة ما دام الناطق
باسمهم رويبضة!
الحديث الثامن: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (¢)، عَنِ النَّبِيِّ (‘)، قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِي
المَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ، أَمِنَ الحَلاَلِ أَمْ مِنَ الحَرَامِ»[22].
معنى الحديث:
قال ابن بطال (¬): (هذا يكون لضعف الدين وعموم الفتن، وقد أخبر (’) أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، وأنذر كثرة الفساد، وظهور المنكر،
وتغير الأحوال، وذلك من علامات نبوته (’))[23].
الحديث التاسع: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ (¢)، عَنِ النَّبِيِّ (‘)، قَالَ: " يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ
يَغْزُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ (‘)، فَيَقُولُونَ نَعَمْ، فَيُفْتَحُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَغْزُونَ، فَيُقَالُ
لَهُمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ (‘)؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ "[24].
معنى الحديث:
قال ابن بطال (¬): (ويوافق معناه قوله (صلى الله عليه وسلم) : (خيركم قرنى ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) لأنه يفتح
لهم لفضلهم، ثم يفتح للتابعين لفضلهم، ثم يفتح لتابعيهم لفضلهم، وأوجب الفضل
لثلاثة القرون ولم يذكر الرابع ولم يذكر فضلا فالنصر فيهم أقل، والله أعلم)[25].
وقال النووي (¬): (وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله (‘) وفضل الصحابة والتابعين وتابعيهم)[26].
الحديث العاشر: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ (‘)، يَقُولُ: «تَصَدَّقُوا فَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ
زَمَانٌ يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ، فَلاَ يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا»[27].
معنى الحديث:
(ففى هذا الباب: الحض على الصدقة، والترغيب فيها
ما وجد أهلها المستحقون لها، خشية أن يأتى الزمان الذى لا يوجد فيه من يأخذ
الصدقة، وهو زمان كثرة المال وفيضه، قرب الساعة)[28].
قال ابن الجوزي (¬): (والإشارة بهذا إلى كثرة المال في آخر الزمان)[29].
الحديث الحادي عشر: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ (‘) قَالَ: " يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدْعُو الرَّجُلُ ابْنَ
عَمِّهِ وَقَرِيبَهُ: هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ، هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ، وَالْمَدِينَةُ
خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا
يَخْرُجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ فِيهَا خَيْرًا مِنْهُ، أَلَا إِنَّ الْمَدِينَةَ
كَالْكِيرِ، تُخْرِجُ الْخَبِيثَ، لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَنْفِيَ
الْمَدِينَةُ شِرَارَهَا، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ "[30].
معنى الحديث:
قال القرطبي (¬): ( هذا منه -‘ - إخبار عن أمر غيب وقع على نحو ما ذكر، وكان ذلك من
أدلة نبوَّته، وعنى بذلك أن الأمصار تفتح على المسلمين فتكثر الخيرات وتترادف
عليهم الفتوحات، كما قد اتفق عند فتح الشام والعراق والدِّيار المصرية وغير ذلك،
فركن كثير ممن خرج من الحجاز وبلاد العرب إلى ما وجدوا من الخصب والدَّعة بتلك
البلاد المفتوحة فاتخذوها دارًا ودعوا إليهم من كان بالمدينة لشدَّة العيش بها
وضيق الحال، فلذلك قال (‘): والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وهي خير من حيث
تعذر الترفه فيها وعدم الإقبال على الدنيا بها وملازمة ذلك المحل الشريف ومجاورة النبي
الكريم (‘)؛ ففي حياته -‘ - صحبته ورؤية وجهه الكريم، وبعد وفاته مجاورة جدثه
الشريف ومشاهدة آثاره المعظَّمة، فطوبى لمن ظفر بشيء من ذلك، وأحسن الله عزاءَ من لم ينل شيئًا مِمَّا هنالك.
وقوله لا يخرج
أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرًا منه؛ يعني أن الذي يخرج من المدينة راغبًا عنها - أي زاهدًا
فيها - إنما هو إما جاهل بفضلها وفضل المقام فيها أو كافر بذلك، وكل واحد من هذين
إذا خرج منها فمن بقي من المسلمين خير منه وأفضل على كل حال، وقد قضى الله تعالى بأن مكة والمدينة لا تخلوان من أهل العلم والفضل
والدِّين إلى أن يرث الله الأرض ومن
عليها، فهم الخلف ممن خرج رغبة عنها)[31].
وقال النووي (¬): (الصواب الذي عليه المحققون أن معناه الإخبار عمن خرج من المدينة متحملا
بأهله باسا في سيره مسرعا إلى الرخاء في الأمصار التي أخبر النبي (‘) بفتحها قال العلماء في هذا الحديث معجزات لرسول الله (‘) لأنه أخبر بفتح هذه الأقاليم وأن الناس يتحملون بأهليهم إليها ويتركون
المدينة وأن هذه الأقاليم تفتح على هذا الترتيب ووجد جميع ذلك كذلك بحمد الله وفضله وفيه فضيلة سكنى المدينة والصبر على شدتها وضيق
العيش بها والله أعلم)[32].
الحديث الثاني عشر: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (‘): «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا، حَتَّى يَأْتِيَ
عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، وَلَا الْمَقْتُولُ
فِيمَ قُتِلَ " فَقِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «الْهَرْجُ،
الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ»[33].
معنى الحديث:
قال ابن رسلان (¬): (فبين هذا الحديث أن القاتل إذا كان على جهالة من طلب دنيا أو اتباع هوى
فالقاتل والمقتول في النار، فأما قتال يكون على تأويل ديني كقتال الصحابة فلا)[34].
وقال القرطبي (¬): (يعني بذلك أن الأهواء تغلب، والهرج والقتل يكثر ويستسهل حتى لا يبالى
به. فيكون قتل المسلم عند قاتله كقتل نملة، كما هو الحال الآن في أقصى المغرب،
والهرج: هو كثرة الاختلاف والقتل، وهو ساكن الراء.
و(قوله هنا:
القاتل والمقتول في النار) يوضح أن ذلك محمول في هذا الحديث وفي حديث أبي بكرة على
ما إذا كان القتال في طلب الدنيا، أو على مقتضى الأهواء، وليس في المتأولين
المسلمين ولا فيمن قاتل الباغين)[35].
الحديث الرابع عشر: عَنْ سَلَامَةَ بِنْتِ الْحُرِّ، أُخْتِ خَرَشَةَ
قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ (‘) يَقُولُ «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَقُومُونَ
سَاعَةً، لَا يَجِدُونَ إِمَامًا يُصَلِّي بِهِمْ»[36].
معنى الحديث:
قال العيني (¬): (والمعْنى: كل واحد منهم يدفع الإمامة إلى الآخر، ولا يَرْضى أحد أن
يتقدم إما لجهلهم بأحوال الإمامة، وإما لاختلافهم وعدم اتفاقِهم على إمامة واحدٍ،
وإما لعدم مَنْ يَؤُم حسْبة لله تعالى، أو غير ذلك من الوجوه)[37]. َ
وقال ابن رسلان (¬): (فيه أنه لا ينبغي تدافع أهل المسجد في الإمامة، بل يصلي بهم من يظهر أنه
أحقهم.. وفيه معجزة ظاهرة لإخباره -‘ -عما يقع بعده، فقد وجد وشوهد مرارًا أقوام يقومون
للصلاة لا يوجد فيهم من يصلح للإمامة، وذلك من قلة العلم، وكما في الحديث "من
أشراط الساعة أن يقل العلم ويكثر الجهل" والله أعلم)[38].
الحديث الخامس عشر: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (‘) قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَأْكُلُونَ الرِّبَا، فَمَنْ
لَمْ يَأْكُلْهُ أَصَابَهُ مِنْ غُبَارِهِ»[39].
معنى الحديث:
قال الصنعاني (¬): (إما لعدم التورع أو لعموم الجهل أو لعموم الربا بحيث يدخل كل يد ولقد
وقع ذلك ليلعب ملوك الدنيا بالفضة وضرائبها وكسرها فإنا لله وإنا إليه راجعون،
فالحديث من أعلام نبوته والظاهر أنه أريد الأكل حقيقة بدليل: (فإن لم يأكله أصابه
من غباره) بأن يكون كاتبًا أو شاهداً أو راضياً به)[40].
وقال ابن رسلان (¬): (ووجه الشبه بينهما أن الغبار إذا ارتفع من الأرض أصاب كل من كان حاضرًا
وإن لم يكن أثاره كما يصيب البخار إذا انتشر من كان حاضرًا وإن لم يتسبب فيه بل
كان مارًّا في الطريق، وهذا من معجزاته -‘ - وإخباره عن المغيبات فقل من يسلم في هذا الزمان من أكل الربا حقيقةً
فضلًا عن البخار والغبار. وسبب كثرته في هذا الزمان قلة العلم وكثرة الجهل بأحكام
الربا ومعرفة أقسامه، فنجد المتدين في بيعه يأكل منه وإن لم يعرف أنه ربا ويأثم
آكله إذا نسب إلى تقصير، فمن باع واشترى ولم يعرف أحكام الربا أكل الربا شاء أم أبى)[41].
الحديث السادس عشر: عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده، عن النبي -‘ - أَنَّهُ قَالَ: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُغَرْبَلُونَ
فِيهِ غَرْبَلَةً، يَبْقَى مِنْهُمْ حُثَالَةٌ، قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ
وَأَمَانَاتُهُمْ، وَاخْتَلَفُوا فَكَانُوا هَكَذَا". وَشَبَّكَ بَيْنَ
أَصَابِعِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ الله فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْ ذَلِكَ؟، قَالَ: "تَأْخُذُونَ مَا
تَعْرِفُونَ وَتَدَعُونَ مَا تُنْكِرُونَ وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ
وَتَدَعُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ"[42].
معنى الحديث:
قال الطيبي (¬): ((الحثالة)) الرديء من كل شيء. ومنه حثالة التمر والأرز والشعير وكل ذي
قشر.
قوله: ((مرجت عهودهم)):
أي اختلطت وفسدت فقلت فيهم أسباب الديانات. وقوله: ((هكذا، وشبك بين أصابعه)) أي
يموج بعضهم في بعض ويلتبس أمر دينهم، فلا يعرف الأمين من الخائن ولا البر من
الفاجر. قوله ((عليك بما تعرف)) أي ألزم وافعل ما تعرف كونه حقا، واترك ما تنكر
أنه حق. ((وعليك بخاصة نفسك)) أي ألزم. أمر نفسك وأحفظ دينك، واترك الناس ولا
تتبعهم. وهذا رخصة في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كثر الأشرار وضعف
الأخيار. والإملاك: السد والإحكام، يعني سد لسانك، ولا تتكلم في أحوال الناس كيلا
يؤذوك)[43].
الحديث السابع عشر: قال أبو هريرة (¢) "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ
زَمَانٌ تَكُونُ الثَّلَّةُ مِنَ الْغَنَمِ أَحَبَّ إِلَى صَاحِبِهَا مِنْ دَارِ
مَرْوَانَ"[44].
معنى الحديث:
قال الباجي (¬): (وقوله يوشك أن يأتي على الناس زمان تكون الثلة فيه من الغنم وهي القليلة
من الغنم وقوله خير من دار مروان بن الحكم للفتنة الواقعة بالمدينة وتفرق الناس
عنها إلى التبري بالماشية والغنم اعتزالا لأهل الفتنة)[45].
فإذا تغير الزمان ووقعت الفتن وظهر أهل الشر ولم
يكن لأهل الخير كلمة تسمع فالفرار في شعاب الجبال بغنيمات يرعاها ويطعم منها خير
له من دور الملوك. فعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ
خَيْرُ مَنَازِلِهِمُ الْبَادِيَةُ»[46].
وعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ (¢)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (‘): «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، يَكُونُ أَفْضَلُ النَّاسِ فِيهِ
بِمَنْزِلَةِ، رَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنْ هَذِهِ الشِّعَابِ، يُقِيمُ الصَّلَاةَ،
وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَدَعُ النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ»[47].
الحديث الثامن عشر: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ لِإِنْسَانٍ: «إِنَّكَ فِي
زَمَانٍ كَثِيرٌ فُقَهَاؤُهُ، قَلِيلٌ قُرَّاؤُهُ، تُحْفَظُ فِيهِ حُدُودُ
الْقُرْآنِ، وَتُضَيَّعُ حُرُوفُهُ. قَلِيلٌ مَنْ يَسْأَلُ. كَثِيرٌ مَنْ يُعْطِي.
يُطِيلُونَ فِيهِ الصَّلَاةَ، وَيَقْصُرُونَ الْخُطْبَةَ يُبَدُّونَ أَعْمَالَهُمْ
قَبْلَ أَهْوَائِهِمْ، وَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ قَلِيلٌ فُقَهَاؤُهُ،
كَثِيرٌ قُرَّاؤُهُ، يُحْفَظُ فِيهِ حُرُوفُ الْقُرْآنِ وَتُضَيَّعُ حُدُودُهُ.
كَثِيرٌ مَنْ يَسْأَلُ، قَلِيلٌ مَنْ يُعْطِي، يُطِيلُونَ فِيهِ الْخُطْبَةَ، وَيَقْصُرُونَ
الصَّلَاةَ. يُبَدُّونَ فِيهِ أَهْوَاءَهُمْ قَبْلَ أَعْمَالِهِمْ»[48].
معنى الحديث:
قال الباجي (¬): (قوله إنك في زمان كثير فقهاؤه قليل قراؤه لم يرد بذلك عبد الله بن مسعود أن من يقرأ القرآن كان قليلا في زمانه وإنما
أراد أن من يقرأ القرآن فيكون حظه منه قراءته دون الفقه فيه قليل لأن عبد الله بن مسعود إنما قصد إلى مدح الزمان الذي كان فيه وهو عصر
الصحابة -€ - والثناء عليهم بكثرة الفقهاء والعلماء وجل فقه أهل
ذلك العصر إنما كان من القرآن والاستنباط منه ولم يكونوا أهل كتاب ولا دواوين ولا
ضمنوا القراطيس العلم وإنما كان علمهم في صدورهم واستنباطهم من محفوظهم ومحال أن
يستنبط من القرآن من لا يحفظه وأصل الفقه ومعظمه كتاب الله تعالى الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} [فصلت: 42] وهو الذي قال فيه تعالى {ما فرطنا في الكتاب من شيء - ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء} [النحل: 38 - 89] فمحال أن يوصف بالفقه والعلم والتقدم في الدين من لا
يقرأ القرآن مع ما علم من حال الصحابة -€ - في اقتصارهم في العلم على القرآن ولا يجوز أن يقصد
عبد الله بن مسعود مع
فضله ومحله من تلاوة القرآن وكونه أحد الأئمة فيه إلى أن يمدح زمن الصحابة وصدر
الأمة بقلة القرآن فيه لأن أهل ذلك العصر كانوا ألهج الناس بتلاوة القرآن وتلقيه
من الركبان وتدارسه والعمل به وكان ذلك منهم لما رأوا من تفضيل النبي -‘ - من تعلم القرآن وعلمه وتقديمه في اللحد من كان أكثر أخذا للقرآن ودعائه
أصحابه في مواطن الشدائد أين أصحاب البقرة بأفضل ما يدعون به حضا لهم على الرجوع
وتذكيرا لهم بأن هذه الصفة من أفضل صفات المؤمنين التي يجل عن الفرار صاحبها ولا
يدعو بذلك واحدا ولا اثنين لأنه لا ينتفع بهم وإنما يدعو بمثل ذلك العدد الكثير
ومعلوم في العادة أنه لا يكاد أن يكون من أصحاب سورة البقرة إلا من قرأ القرآن كله
وأكثره وإنما ثبت بما ذكرناه أن تلاوة القرآن وحفظه من أفضل المناقب وأرفع المراتب
وأنه مما لا يجوز أن يعاب به أحد فيجب أن يحمل قوله على ما يليق به من العلم وحسن
الظن فيجعل مدحه لزمان الصحابة بكثرة الفقهاء وقلة القراء على أنه أراد به أن ممن
يقرأ القرآن فيه ولا يفقهه قليلا وأن الفقهاء فيه من قراء القرآن المستنبطين
الأحكام منه كثير وهذا هو المعلوم من حال الصحابة -€ - وحشرنا معهم..
وقوله وسيأتي على
الناس زمان قليل فقهاؤه يعني أن من يفقهه ممن يقرأ القرآن قليل وإن أكثر من في ذلك
الزمان يقرأ القرآن ولا يفقه فيه وهذا إخبار منه بأن تلاوة القرآن لا تقل في آخر
الزمان لأن الله تعالى قد وعد
بحفظه وأمن من نسيانه فقال تعالى {إنا نحن نزلنا
الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9]
ولم يرد أن كثرة القراء عيب في ذلك الزمان وإنما عابه بقلة الفقهاء فيه وأن قراءه
لا يفقهون ولا يعلمون به وإنما غايتهم منه تحفظه وهذا نقص وعيب فيهم..
وقوله يطيلون
الخطبة ويقصرون الصلاة يعني أنهم يخالفون السنة في ذلك وفيه معنى آخر لأن الخطبة معناها
الوعظ والصلاة عمل من أعمال البر فمعنى ذلك أن وعظهم يكثر وعملهم يقل وقوله يبدؤن
فيه أهواءهم قبل أعمالهم يعني أنهم إذا عرض لهم هوى وعمل بر بدءوا بعمل الهوى)[49].
الحديث التاسع عشر: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (‘)، يَقُولُ: " لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكُمْ زَمَانٌ تَغْبِطُونَ فِيهِ
الرَّجُلَ بِخِفَّةِ الْحَاذِ كَمَا تَغْبِطُونَهُ الْيَوْمَ بِكَثْرَةِ الْمَالِ
وَالْوَلَدِ، حَتَّى يَمُرَّ أَحَدُكُمْ بِقَبْرِ أَخِيهِ فَيَتَمَعَّكُ كَمَا
تَتَمَعَّكُ الدَّابَّةُ، وَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَكَ، مَا بِهِ حُبُّ
شَوْقٍ إِلَى اللَّهِ وَلَا عَملٌ
صَالِحٌ قَدْمَهُ، إِلَّا لِمَا نَزَلَ بِهِ مِنَ الْبَلَاءِ "[50].
معنى الحديث:
يبين هذا
الحديث ما سيلاقيه الناس من شدة في البلاء حتى إن أحدهم ليغبط من هو خفيف الحال
فلا مال زائد عنده ولا عيال يرتبط بهم حاملا لهمهم وحتى يتمنى الموت لشدة ما نزل
به البلاء وشدة البلاء قد مرت بها هذه الأمة وتمر بها الان وقد حصل من البلاء في
زماننا ما جعل كثير من الناس يفضلون الفناء على البقاء. فعَنْ أَبِي سَلَمَةَ،
سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ، عَلَى النَّاسِ
زَمَانٌ يَكُونُ الْمَوْتُ أَحَبَّ إِلَى الْعَالِمِ مِنَ الذَّهَبَةِ
الْحَمْرَاءِ»[51]
قال ابن بطال (¬): ( وأما من لم يخف فساد دينه وذهاب إيمانه فلا يتمنى الموت ذلك الزمان
لمشابهته بأهله وحرصه فيما دخلوا فيه، بل ذلك وقت يسود فيه أهل الباطل، ويعلو فيه
سفلة الناس ورذالتهم ويسعد بالدنيا لكع بن لكع)[52].
الحديث العشرون: عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ
زَمَانٌ يُصْبِحُ الرَّجُلُ بَصِيرًا، وَيُمْسِي وَمَا يُبْصِرُ بِشَفْرِهِ»[53].
معنى الحديث:
فى النهاية: الشُّفْر - بالضم، وقد يفتح -: حرف جفن العين الذى ينبت عليه
الشعر. اç. ويبين هذا الأثر شدة الضلال الذي يداهم الناس وهو اليوم أبين من أي فترة
مضت فهذا الزمن تناقصت العقول عن الهدى وتناقص فيه أولو الالباب وفيه تتقلب القلوب
ولا تثبت الافئدة على شيء فترى الرجل في الصباح شيء وفي المساء شيء آخر!
الحديث الحادي
والعشرون: عَنِ
الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (‘): «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَنْفَعُ فِيهِ إِلَّا الدِّينَارُ
وَالدِّرْهَمُ»[54].
معنى الحديث:
قال الطيبي (¬): (معناه لا ينفع الناس شيء، إلا الكسب، إذ لو تركوه
لوقعوا في الحرام، كما روي عن بعضهم، وقيل له: إن التكسب يدنيك من الدنيا، قال:
لئن أدنانى من الدنيا لقد صانني عنها، وكان السلف يقولون: اتجروا واكتسبوا؛ فإنكم
في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه. وروى عن سفيان وكانت له بضاعة
يقلبها: لولاها لتمندل بى بنو العباس، أي لجعلوني كالمنديل يمسحون بى أوساخهم)[55].
الحديث الثاني والعشرون: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ
زَمَانٌ لَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلَّا لَحِقَ بِالشَّامِ"[56].
معنى الحديث:
يلحق المؤمنون بالشام لأنها خيرة الله من أرضه ويسكنها خيرته من خلقه وهي الأرض الطيبة
المباركة التي أختارها الله لأنبيائه ورسله وفيها ثالث الحرمين القدس الطاهرة وهي مسرى رسولنا الكريم (‘) والشام لها الابتداء والانتهاء في الخيرية ولذلك سيلحق بها المؤمنون الخلص
وينزل فيها عيسى ابن مريم لينهي الظلم والفجور ويقيم العدل والإيمان فعَنِ ابْنِ
حَوَالَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (‘): «سَيَصِيرُ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ تَكُونُوا جُنُودًا
مُجَنَّدَةً جُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ»،
قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ: خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ، فَقَالَ: «عَلَيْكَ
بِالشَّامِ، فَإِنَّهَا خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ، يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَأَمَّا
إِنْ أَبَيْتُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ، وَاسْقُوا مِنْ غُدُرِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ»[57].
الحديث الثالث والعشرون: عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ
زَمَانٌ لَوْ رَمَيْتَ بِسَهْمٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَمْ يُصِبْ إِلَّا كَافِرًا
أَوْ مُنَافِقًا»[58].
معنى الحديث:
يدل هذا الأثر
على تغير الزمان وكثرة الكفر والنفاق وحدوث الفتن وأن وقت الفتن لا تكاد تجد مؤمنا
ظاهر وانما المؤمنون في عزلة خشية الفتن والله اعلم.
الحديث الرابع والعشرون: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (‘): «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الْعَجَمِ» ،
قُلْتُ: وَمَا قُلُوبُ الْعَجَمِ؟، قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا، سُنَّتُهُمْ سُنَّةُ
الْأَعْرَابِ مَا أَتَاهُمْ مِنْ رِزْقٍ جَعَلُوهُ فِي الْحَيَوَانِ، يَرَوْنَ
الْجِهَادَ ضَرَرًا، وَالزَّكَاةَ مَغْرَمًا»[59].
ويشهد له حديث سَهْلِ
بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (‘): «اللَّهُمَّ لَا
يُدْرِكنِي زَمَانٌ وَلَا أُدْرِكُهُ , لَا يُتَّبَعُ فِيهِ الْعَالِمُ , وَلَا
يُسْتَحْيَى فِيهِ مِنَ الْحَلِيمِ , قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الْعَجَمِ ,
وَأَلْسِنَتُهُمْ أَلْسِنَةُ الْعَرَبِ»[60].
الحديث الخامس والعشرون: عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: " يَأْتِي
عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ خَيْرُ دِينِهِمْ دِينُ الْأَعْرَابِ , قَالَ: وَمِمَّ
ذَاكَ؟ قَالَ: تَحْدُثُ أَهْوَاءٌ وَبِدَعٌ يَحُضُّونَ عَلَيْهَا "[61].
معنى الأثر:
سيأتي زمان يترك
الناس الآثار ويأخذون بالكلام والفلسفة فيضلون ويُضلون. ودين الأعراب ما يكون بالفطرة،
والبقاء على القرآن والسنة من غير زيادة وتنطع والله اعلم.
الحديث السادس والعشرون: عن أَنَس بْنِ مَالِكٍ (¢) قال: قَالَ رَسُول اللهِ (‘): "يأتي على الناس زمان تمطر السماء مطرا عاما،
ولاَ تنبت الأرض شيئا"[62].
الحديث السابع والعشرون: عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ (¢) قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فِيهِ نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ
حَالِيَاتٌ عَطِرَاتٌ تَفِلَاتٌ، لَهُنَّ عُقُصٌ مِثْلُ أَسْنِمَةِ الْبُخْتِ،
مَائِلَاتٌ مُقَتَّبَاتٌ هَارِبَاتٌ إِلَى النَّارِ»[63].
معنى الأثر:
وهذا وقع منذ
زمن بعيد تجد المرأة لابسة ولكن مفاتنها ظاهرة من طبعهن يستملن الرجال اليهن من
خلال فتنة لباسهن وقصة شعورهن وتعطرهن فهن فعلن كل ما يدعو الرجال الى الفتنة بهن!
بل حصل أكثر من هذا وهو الشذوذ والتحول من جنس الى آخر نسأل الله السلامة وجاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (¢)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (‘): «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ
مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ
كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ
الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا،
وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا»[64].
الحديث الثامن والعشرون: عَنْ حُذَيْفَةَ (¢) قَالَ: "سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَكُونُ فِيهِ شَيْءٌ
أَعَزَّ مِنْ ثَلَاثٍ أَخٍ تَسْتَأْنِسُ بِهِ أَوْ دِرْهَمٍ حَلَالٍ أَوْ سُنَّةٍ
يُعْمَلُ بِهَا"[65].
الحديث التاسع والعشرون: قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: أَيُّهَا النَّاسُ،
إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (‘) يَقُولُ: «إِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ فِتَنٌ
بَاقِرَةٌ، تَدَعُ الْحَلِيمَ حَيْرَانًا، النَّائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ
الْقَاعِدِ، وَالْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا
خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي. فَقَطِّعُوا
أَوْتَارَكُمْ، وَكَسِّرُوا السُّيُوفَ بِالْحِجَارَةِ»[66].
معنى الحديث:
والفتن الباقرة
هي التي تشق فتفتح الشر على الناس وقد حصل كثير من هذه الفتن وحذر منها النبي (‘) أهل الإسلام وأمرهم باجتنابها وترك الخوض فيها فمنهم من ولج فيها فخسر ومنهم
من تركها فسلم منها، وقد وصفت هذه الفتن بشدتها حتى يحير فيها الحليم ويدهش لها ذو
اللب الثاقب والقلب الحازم! فعَنْ أَبِي مُوسَى (¢)، أَنَّ النَّبِيَّ (‘)، قَالَ: «تَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فِتَنٌ كَقِطَعِ
اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا،
وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا»[67].
والأحاديث في ذلك كثيرة.
الحديث الثلاثون: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (¢) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (‘): «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَحَلَّقُونَ فِي
مَسَاجِدِهِمْ وَلَيْسَ هِمَّتُهُمْ إِلَّا الدُّنْيَا لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِمْ
حَاجَةٌ فَلَا تُجَالِسُوهُمْ»[68].
معنى الحديث:
قال الشعراوي (¬): (كأنه لم يكفهم حب الدنيا خارج المسجد ويطمعون في الدقائق التي يخصصونها
للصلاة، فيجرجرون الدنيا معهم إلى المسجد، وأقول لهم: لماذا لا تتركون مصالح
الدنيا في تلك الدقائق؟ إن الواحد منكم إنما يحيا في سائر الدنيا في نعمة الله. إذن فليجعل نصيبا من وقته لله صاحب النعمة.
إذن لا بد أن نعرف أننا ما دمنا قد خصصنا مكانا لعبادة الله، فلا بد أن نصحب هذا التخصيص في المكانية إلى التخصيص
في المهمة التي يدخل الإنسان من أجلها للمسجد، فيتجه إلى الله؛ لأن المسجد خاص لعبادة الله؛ ومع أن الأرض كلها تصلح للصلاة، لكنك حين تأتي إلى المسجد
اصحب معك أخلاق التعبد. ويجب أن يكون الانفعال، والتفاعل، والحركة والنشاط كله في الله، ولذلك فأفضل ما تفعله ساعة تدخل المسجد، هو أن تنوي الاعتكاف
فتنزع نفسك ممن ينوي أن يتكلم معك في أحوال الدنيا. )[69].
الحديث الحادي والثلاثون: عن بِشْر بْنِ الْحَارِثِ قال: سَمِعْتُ أَبَا خَالِدٍ
الْأَحْمَرَ يَقُولُ: " يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تُعَطَّلُ فِيهِ
الْمَصَاحِفُ، لَا يُقْرَأُ فِيهَا، يَطْلُبُونَ الْحَدِيثَ وَالرَّأْيَ، ثُمَّ
قَالَ: إِيَّاكُمْ وَذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يُصْفِقُ الْوَجْهَ وَيُكْثِرُ الْكَلَامَ
وَيَشْغَلُ الْقَلْبَ "[70].
معنى الحديث:
يذكر أن الناس
ينشغلون بالعلم عن القرآن واعتبر مذموما فكيف بنا اليوم وقد انشغل الناس بالمباحات
أو المكروهات والمحرمات عن القرآن!
الحديث الثاني والثلاثون: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ (¢) , قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُكْثِرُونَ فِيهِ الْحَجَّ
وَالْعُمْرَةَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ تَصُبُّ عَلَيْهِمُ الدُّنْيَا يَلْعَبُونَ
فِيهَا، وَيَلْهَوْنَ فِيهَا، وَيُخَفَّفُ عَلَيْهِمُ السَّفَرُ، أَحَدُهُمْ
جَارُهُ طَاوٍ، أَوْ عَارٍ، أَوْ مُغْرَمٌ , وَبَعِيرُهُ يَعْدُو بِهِ فِي الْقِفَارِ
وَالرِّمَالِ، وَقَدْ خَلَّفَ أَخَاهُ مُعْسِرًا لَمْ يُوَاسِهِ بِدِرْهَمٍ،
وَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَنْفَقُوا أَلْفًا , إِلَّا إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ»[71].
معنى الحديث:
كأنه يتحدث عن
زماننا ففيه خفف عن الناس السفر فبينما كان الناس في القديم يذهبون الى الحج
والعمرة مسيرة أشهر يسيرون اليه اليوم سويعات! وبين أن غاية الناس من الحج غير خالصة بل النوايا في مجملها قد خربت ما بين نزهة
وتجارة وزواج وغير ذلك ولو أطعموا جائعا أو كسوا عاريا أو نفسوا كرب مكروب لكان
خيرا لهم.
[1] صحيح مسلم (1/ 12).
[2] المصدر السابق.
[3] المصدر السابق.
[4] شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (2/ 621).
[5] جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 101).
[6] صحيح البخاري (4/ 198).
[7] مسند الحارث = بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (2/ 773).
[8] فتح الباري لابن رجب (1/ 105).
[9] سنن الترمذي ت شاكر (4/ 526).
[10] سنن أبي داود (4/ 123).
[11] التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (20/ 255).
[12] شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (11/ 3393).
[13] مسند أحمد (13/ 169).
[14] التنوير شرح الجامع الصغير (6/ 426).
[15] مصنف ابن أبي شيبة (6/ 163).
[16] ميزان الاعتدال (3/ 39).
[17] شعب الإيمان (4/ 387).
[18] شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (3/ 956).
[19] سنن ابن ماجه ت الأرنؤوط (5/ 162).
[20] شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره (ص: 292).
[21] شرح صحيح البخارى لابن بطال (10/ 207).
[22] صحيح البخاري (3/ 55).
[23] شرح صحيح البخارى لابن بطال (6/ 201).
[24] صحيح البخاري (4/ 197).
[25] شرح صحيح البخارى لابن بطال (5/ 91).
[26] شرح النووي على مسلم (16/ 83).
[27] صحيح البخاري (9/ 59).
[28] شرح صحيح البخارى لابن بطال (3/ 414).
[29] كشف المشكل من حديث الصحيحين (1/ 349).
[30] صحيح مسلم (2/ 1005).
[31] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (3/ 496).
[32] شرح النووي على مسلم (9/ 158).
[33] صحيح مسلم (4/ 2231).
[34] شرح سنن أبي داود لابن رسلان (17/ 12).
[35] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (7/ 215).
[36] سنن ابن ماجه (1/ 314).
[37] شرح أبي داود للعيني (3/ 78).
[38] شرح سنن أبي داود لابن رسلان (3/ 627).
[39] سنن النسائي (7/ 243).
[40] التنوير شرح الجامع الصغير (9/ 202).
[41] شرح سنن أبي داود لابن رسلان (14/ 22).
[42] مسند أحمد ت شاكر (6/ 473).
[43] شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (11/ 3414).
[44] موطأ مالك ت الأعظمي (5/ 1367).
[45] المنتقى شرح الموطإ (7/ 249).
[46] الفتن لنعيم بن حماد (1/ 191).
[47] مسند أحمد (15/ 450).
[48] موطأ مالك ت عبد الباقي (1/ 173).
[49] المنتقى شرح الموطإ (1/ 308) وما بعدها.
[50] مسند البزار = البحر الزخار (4/ 289).
[51] الفتن لنعيم بن حماد (1/ 75).
[52] شرح صحيح البخارى لابن بطال (10/ 59).
[53] الفتن لنعيم بن حماد (1/ 65) وغيره.
[54] مسند أحمد (28/ 433).
[55] شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (7/ 2113).
[56] مصنف ابن أبي شيبة (4/ 217).
[57] سنن أبي داود (3/ 4).
[58] الإبانة الكبرى لابن بطة (1/ 175).
[59] المعجم الكبير للطبراني (13/ 36).
[60] السنن الواردة في الفتن للداني (3/ 527).
[61] البدع لابن وضاح (2/ 161).
[62] مسند البزار = البحر الزخار (14/ 18).
[63] اعتلال القلوب للخرائطي (1/ 107).
[64] صحيح مسلم (3/ 1680).
[65] المنتقى من كتاب مكارم الأخلاق ومعاليها (ص: 165).
[66] المعجم الأوسط (2/ 65).
[67] مصنف ابن أبي شيبة (6/ 162).
[68] المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 359).
[69] تفسير الشعراوي (8/ 4939).
[70] جامع بيان العلم وفضله (2/ 1021).
[71] ترتيب الأمالي الخميسية للشجري (2/ 221).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق