الأربعاء، 16 فبراير 2022

لعلّهم يرشدون

 



بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين أما بعد:

لعلّ أحسن ما يشغل الانسان به نفسه نصح المسلمين والنصيحة لا حصر لها فأحيانا تكون من خلال الخطب او المحاضرات وأحيانا من خلال الكتب والمراسلات وغير ذلك..

 

وهذه السطور هي محاولة للنصح وتصحيح بعض الأخطاء التي قد تصدر من بعض الناس. وهي أيضا إعذار الى الله مما يقوم به بعض من سولت له نفسه فأوردته سبل الضلال.

 

والله أسأل أن يوفقنا لخدمة شريعته وأن يجعل هذا العمل عملا مباركا ويكتب لنا أجره إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

كتبه: عمر العبد الله

15 رجب 1443 ه

فطنة المؤمن

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (¢)، عَنِ النَّبِيِّ (‘) أَنَّهُ قَالَ: ((لاَ يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ))([1]).

 

هذه اللفظة من بدائع الكلام التي اخُتصّ بها نبينا محمد (‘) وهذه العبارة لم تسمع من العرب قبل ذلك!

 

وينبغي على كل مؤمن فطن أن يتخذ هذه اللفظة قانونا في حياته سواء في حياته الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو التجارية أو غير ذلك ومن خالف هذه الوصية النبوية فليبشر بالفشل الذريع والتعاسة المستديمة.

 

قال الخطابي (¬): هذا يروى على وجهين من الإعراب أحدهما بضم الغين على مذهب الخبر ومعناه أن المؤمن الممدوح هو الكيس الحازم الذي لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى وهو لا يفطن بذلك ولا يشعر به.

والوجه الآخر أن يكون الرواية بكسر الغين على مذهب النهي يقول لا يخدعن المؤمن ولا يؤتين من ناحية الغفلة فيقع في مكروه أو شر وهو لا يشعر وليكن متيقظاً حذراً، وهذا قد يصلح أن يكون في أمر الدنيا والآخرة معاً والله أعلم)([2]).

 

وقال القاضي عياض (¬): (وفيه تنبيه عظيم للغافل وتأديب العاقل، وأن المراد إذا جرب الأذى من موضع أو وجه ما تنبه حتى لا يعود إليه ثانية منه)([3]).

 

وقال القرطبي (¬): (وأصل هذا المثل أن الذي يُلدغ من جحر لا يعيد يده إليه أبدا، إذا كان فطنا حذرا، بل ولا لما يشبهه، فكذلك المؤمن لكياسته، وفطانته وحذره، إذا وقع في شيء مما يضره في دينه أو دنياه، لا يعود إليه)([4]).

 

 

 

 

 

 

 

 

حصن المؤمن

 

قالت خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (‘) يَقُولُ: (( مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ ))([5]).

 

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (¢)، أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ (‘) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ، قَالَ: (( أَمَا لَوْ قُلْتَ، حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ تَضُرَّكَ ))([6]).

 

بعض المسلمين إذا نزل منزلا -سواء كان هذا المنزل ملكه أو استأجره أو نزل فيه مدّة يسيرة كمن يذهب للبرّ وغير ذلك- فقد ينسى ما ورد ذكره في مثل هذه المنازل، وقد تلدغه حية أو عقرب، أو يصيبه مسّ أو سحر، أو أيّ نوع من أنواع الأذى بسبب غفلته عن الذكر.

 

وقد تكون نجاة الانسان بذكر يسير كتلفظه بالذكر أعلاه وقد نزلتُ مرّة منزلا فنسيت هذا الذكر فلدغتني عقرب، والعجيب أنّ المكان الذي نزلته لم أكن أتوقع أن تكون فيه عقرب! وهذه تذكرة لكي نعرف عظم الخير الذي جاءنا به نبينا (‘).

 

 قال المناوي (¬): قوله: (إذا نزل أحدكم منزلا) مظنة للهوام والحشرات ونحوها مما يؤذي (فليقل) ندبا لدفع شرها (أعوذ) أي أعتصم (بكلمات الله) أي صفاته القائمة بذاته التي بها ظهر الوجود بعد العدم وبها يقول للشيء كن فيكون. ثم وصف الكلمات بقوله (التامات) أي التي لا يعتريها نقص ولا خلل تنبيها على عظمها وشرفها وخلوها عن كل نقص إذ لا شيء إلا وهو تابع لها يعرف بها فالوجود بها ظهر وعنها وجد. (من شر ما خلق فإنه) إذا قال ذاك مع قوة يقين وكمال إذعان لما أخبر به الشارع (لا يضره شيء) من الهوام والمخلوقات (حتى يرتحل عنه) أي عن ذلك المنزل.

 

قال القرطبي: خبر صحيح وقول صادق فإني منذ سمعته عملت به فلم يضرني شيء فتركته ليلة فلدغنتي عقرب)([7]).

 

 

 

 

 

نساء جهنم

 

عَنْ أَبِي مُوسَى (¢)، عَنِ النَّبِيِّ (‘)، قَالَ: ((كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ، وَالمَرْأَةُ إِذَا اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ بِالمَجْلِسِ فَهِيَ كَذَا وَكَذَا))([8]). يَعْنِي زَانِيَةً.

 

المرأة بدون مزينّات ومعطِّرات فتنة؛ لأنها إذا خرجت استشرفها الشيطان كما جاء في الحديث أي عرّض الناس لها ليفتنهم بها؛ فكيف إذا خرجت للنّاس بوجه مزوق بخمسة ألوان وبثوب معصفر قد أظهر مفاتنها وجسّم عورتها وكعب عالٍ وعطر أخّاذ يحرك غرائز الشيوخ والشباب أكيد مثل هذه المرأة ستُفتن وتفتن وهذه هي المرأة الملعونة المطرودة من رحمة الله اذا لم تتب الى الله.

 

والمرأة الصالحة هي التي تتنظف لزوجها وتتعطر وتتزين له فهذه إن نوت بها عفاف زوجها فلا تعدم الأجر وكانت عادتها هذه لها عبادة وأجر ولهذا كان من وصايا نساء العرب لبعضهن إياك أن تقع عين زوجك على شيء لا يستملحه أو يشم منك ما يستقبحه.

 

 قال المناوي (¬): (والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس) فقد هيجت شهوة الرجال بعطرها وحملتهم على النظر إليها فكل من ينظر إليها فقد زنى بعينه ويحصل لها إثم لأنها حملته على النظر إليها وشوشت قلبه فإذن هي سبب زناه بالعين (فهي) أيضا (زانية). ([9])

قال القرطبي (¬): (وأما إذا خرجت: فإن قصدت أن يجد الرِّجال ريحها؛ فهي زانية؛ كما قاله النبي - -، ومعناه: أنها بمنزلة الزانية في الإثم. وأما إذا لم تقصد ذلك: فلا تسلم من الإثم؛ كيف لا وقد قال رسول الله - -: (إذا شهدت إحداكُنَّ المسجد فلا تمس طيبًا) وقال: (ليخرجن وهنَّ تفلات) أي: غير متطيِّبات . وكل ذلك هو شرعنا)([10]).

 

وأما يضعنه كثير من النساء مما يزلن به العرق والرائحة الكريهة ولم يكن العطر المستعمل ظاهرا ولا كثيرا فهذا لا بأس به كما بين ذلك الفقهاء في جواز قطع الرائحة الكريهة للمرأة بالقُسْط الهندي وهو نوع من البخور والله اعلم.

 

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (‘): ((صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا))([11]).

 

هذا الحديث برهان على صدق نبوّة نبيّنا محمّد (‘) وذلك أن هذين الصنفين لم يكونا على عهده فلم يرَ هذه الأشكال لطهارة زمنه عنها وقد وقعت كما أخبر سيّدنا (‘).

 

وقد جمع النبيّ (‘) بين الظلم والفساد وأنّ صورهما ما تزال تتطور وتزيد ويحدث الناس فيها أشياء حتى تقوم الساعة وقد رأينا في زماننا هذا ما تشيب له الولدان من الظلم والفساد وقد استخدم الغرب المرأة لترويج فسادهم ونشره في المجتمعات بطرق شتى ولعلّ أعظم بليّة أبتلي بها المسلمون هذه الشاشات التي تنقل الينا هذه الثقافات المنحرفة بكل يسر وسهولة ولا حول ولا قوة الا بالله.

 

وقد كانت المرأة لا تخرج من بيتها الا للحاجة واذا خرجت لا يدل على أنها امرأة الا ثيابها السوداء المتسخة من غبار الحائط والطرقات لشدّة تسترها وعفافها والرجل بطبعه ينفر من هكذا شكل لذلك كان الفساد الازمان الغابرة قليل جدا.

 

 

قال القرطبي (¬): و(قوله: صنفان من أهل النار لم أرهما) أي: لم يوجد في عصره منهما أحدٌ؛ لطهارة أهل ذلك العصر الكريم. ويتضمن ذلك: أن ذينك الصنفين سيوجدان. وكذلك كان، فإنَّه خلف بعد تلك الأعصار قوم يلازمون السياط المؤلمة التي لا يجوز أن يضرب بها في الحدود قصدًا لتعذيب الناس، فإن أمروا بإقامة حد، أو تعزير، تعدوا المشروع في ذلك في الصفة والمقدار، وربما أفضى بهم الهوى، وما جبلوا عليه من الظلم إلى هلاك المضروب، أو تعظيم عذابه.)([12]).

 

وقال ابن الجوزي (¬): وفي قوله: ((كاسيات عاريات)) ثلاثة أوجه: أحدها: أنهن يلبسن ثيابا رقاقا تصف ما تحتها، فهن كاسيات في الظاهر، عاريات في المعنى. والثاني: أنهن يكشفن بعض أجسامهن، فهن عاريات، أي بعضهن منكشف. والثالث: كاسيات من نعم الله (¸) عاريات من الشكر.

 

وفي قوله: ((مائلات مميلات)) أربعة أقوال: أحدها: أن المعنى واحد، كما يقال: جاد مجد. والثاني: مائلات إلى الشر مميلات للرجال إلى الإفتتان بهن. والثالث: مائلات زائغات عن طاعة الله، مميلات: أي معلمات غيرهن الدخول في مثل فعلهن. والرابع: مائلات: أي متبخترات في مشيتهن، مميلات أعطافهن وأكتافهن.

قوله: ((رؤوسهن كأسنمة البخت)) فيه قولان: أحدهما: أنهن يعظمن رؤوسهن بما يصلنه من الشعر وبالخمر عليهن فيشبه أسنمة البخت في ارتفاعها. والثاني: أنهن يطمحن إلى الرجال ولا يغضضن، ولا ينكسن رؤوسهن)([13]).

 

وعن أَبي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ، أَنَّ النَّبِيَّ (‘) قَالَ: ((النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا، تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ، وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ))([14]).

 

من محاسن الشرع الحكيم أن شرع التعزية لأهل الميت ليخفف عنهم الحزن ولعلهم ينسون شيئا مما أصابهم بفقد حبيب لهم والنياحة تضاد هذه الحكمة فهي تهيج المشاعر وتذكر بالميت فيغتمّ أهل الميت ويكثر حزنهم أكثر مما لو تُركوا بغير نياحة لذلك لعن الرسول (‘) النائحة وفي رواية المستمعة كذلك. وليست النياحة البكاء المجرد وانما هي رفع الصوت بطريقة معينة بتعداد محاسن الميت لتهيج مشاعر أهله.

 

قال ابن بطال (¬): (وكل حديث أتى فيه النهى عن البكاء فمعناه النياحة عند العلماء.. قال الشافعى: أرخص فى البكاء بلا ندبة، ولا نياحة)([15]).

 

 (قوله: "النائحة"؛ أي: المرأة التي تَعدُّ خصال الميت؛ لتوقع أقرباء الميت وغيرهم في البكاء)([16]).

 

قال المناوي (¬): (النائحة إذا لم تتب قبل موتها) أي قبل حضور موتها قيد به إيذانا بأن شرط التوبة أن يتوب وهو يؤمل البقاء ويتمكن من العمل (تقام) يعني تحشر (يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب) أي يصير جلدها أجرب حتى يكون جلدها كقميص على أعضائها والدرع قميص النساء والقطران دهن يدهن به الجمل الأجرب فيحترق لحدته وحرارته فيشتمل على لذع القطران وحرقته وإسراع النار في الجلد واللون الوحش ونتن الريح جزاء وفاقا فخصت بذلك الدرع لأنها كانت تجرح بكلماتها المؤنقة قلب المصاب وبلون القطران لكونها كانت تلبس السواد في المآتم)([17]).

 

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (ƒ) قَالَ: ((لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ (‘) المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ))([18]) .

 

 

قديما كان تشبه النساء بالرجال في اللبسة والمشية والهيئة والكلام أما في هذا الزمان فرأينا العجب العجاب لأن التشبه صار من نوع آخر وهو الترجل عن طريق عمليات التجميل المدمرة وهو نوع من أنواع المسخ بإرادة الممسوخة المتشبهة بالرجال وهو أيضا تغيير للفطرة وتبديل لخلق الله فلتبشر هذه المرأة ان لم تتب قبل الموت بغضب الله وعقابه وخزيه في الدنيا والآخرة.

 

قال الطبري (¬): فيه من الفقه أنه لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي هي للنساء خاصة، ولا يجوز للنساء التشبه بالرجال فيما كان ذلك للرجال خاصة. فمما يحرم على الرجال لبسه مما هو من لباس النساء: البراقع والقلائد والمخانق والأسورة والخلاخل، ومما لا يحل له التشبه بهن من الأفعال التي هن بها مخصوصات فانخناث في الأجسام، والتأنيث في الكلام. مما يحرم على المرأة لبسه مما هو من لباس الرجال: النعال والرقاق التي هي نعال الحد والمشي بها في محافل الرجال، والأردية والطيالسة على نحو لبس الرجال لها في محافل الرجال وشبه ذلك من لباس الرجال، ولايحل لها التشبه بالرجال من الأفعال في اعطائها نفسها مما أمرت بلبسه من القلائد والقرط والخلاخل والسورة، ونحو ذلك مما ليس للرجل لبسه، وترك تغيير الايدي والأرجل من الخصاب الذى أمرن بتغييرها به)([19]).

 

 

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (¢)، عَنِ النَّبِيِّ (‘) قَالَ: ((لَعَنَ اللَّهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ))([20]).

 

قال النووي (¬): (وأما الواصلة فهي التي تصل شعر المرأة بشعر آخر والمستوصلة التي تطلب من يفعل بها ذلك ويقال لها موصولة وهذه الأحاديث صريحة في تحريم الوصل ولعن الواصلة والمستوصلة مطلقا وهذا هو الظاهر المختار وقد فصله أصحابنا فقالوا إن وصلت شعرها بشعر آدمي فهو حرام بلا خلاف سواء كان شعر رجل أو امرأة وسواء شعر المحرم والزوج وغيرهما بلا خلاف.. وإن وصلته بشعر غير آدمي فإن كان شعرا نجسا وهو شعر الميتة وشعر ما لا يؤكل إذا انفصل في حياته فهو حرام أيضا للحديث ولأنه حمل نجاسة في صلاته وغيرها عمدا وسواء فى هذين النوعين المزوجة وغيرها من النساء والرجال وأما الشعر الطاهر من غير الآدمي فإن لم يكن لها زوج ولاسيد فهو حرام أيضا وإن كان ففعلته بإذن الزوج أو السيد جاز وإلا فهو حرام قالوا وأما تحمير الوجه والخضاب بالسواد وتطريف الأصابع فإن لم يكن لها زوج ولا سيد أو كان وفعلته بغير إذنه فحرام وإن أذن جاز على الصحيح .. قال القاضي فأما ربط خيوط الحرير الملونة ونحوها مما لايشبه الشعر فليس بمنهى عنه لأنه ليس بوصل ولاهو في معنى مقصود الوصل وانما هو للتجمل والتحسين، وفي هذا الحديث أن الوصل حرام سواء كان لمعذورة أو عروس أوغيرهما)([21]).

 

وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود (¢): ((لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ، وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى )). مَالِي لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ النَّبِيُّ (‘)، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر: 7]([22]).

 

نرى أن بعض شباب المسلمين يفعل الوشم وهو ليس كالوشم القديم فاليوم صار أبشع وأكثر وقد يستوعب كثيرا من الأعضاء فيشوهها ويستبشع منظرها فهذا حرام وأما ما تفعله النساء بصبغة للزينة ولا تدوم فهذه جائزة والله اعلم.

 

قال النووي (¬): (أما الواشمة ففاعلة الوشم وهي أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غير ذلك من بدن المرأة حتى يسيل الدم ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة فيخضر وقد يفعل ذلك بدارات ونقوش وقد تكثره وقد تقلله وهو حرام على الفاعلة والمفعول بها باختيارها والطالبة له قال أصحابنا هذا الموضع الذي وشم يصير نجسا فإن أمكن إزالته بالعلاج وجبت إزالته وإن لم يمكن الا بالجرح فإن خاف منه التلف أو فوات عضو أو منفعة عضو أو شيئا فاحشا في عضو ظاهر لم تجب إزالته فإذا بان لم يبق عليه إثم وإن لم يخف شيئا من ذلك ونحوه لزمه إزالته ويعصي بتأخيره وسواء في هذا كله الرجل والمرأة والله أعلم.

 

 وأما النامصة فهي التي تزيل الشعر من الوجه والمتنمصة التي تطلب فعل ذلك بها وهذا الفعل حرام الا اذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها بل يستحب عندنا .

 

وأما المتفلجات والمراد مفلجات الأسنان بأن تبرد ما بين أسنانها الثنايا والرباعيات وهو من الفلج وهي فرجة بين الثنايا والرباعيات وتفعل ذلك العجوز ومن قاربتها في السن إظهارا للصغر وحسن الأسنان لأن هذه الفرجة اللطيفة بين الأسنان تكون للبنات الصغار فإذا عجزت المرأة كبرت سنها وتوحشت فتبردها بالمبرد لتصير لطيفة حسنة المنظر وتوهم كونها صغيرة وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه فلابأس والله أعلم)([23]).

 

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (‘): ((أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ» قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: " يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ ))([24]).

 

يجب على الرجل حتى يُرضي زوجته أن يعاملها بالإحسان مدى حياته: بعافيته وسقمه، بانشغاله وفراغه، بأحلامه ويقظته! فإن أخل بهذا الشرط ساعة من الدهر تذكرت زوجته هذه الساعة فعنفته وجحدت النعمة ونسيت إحسانه الدهر كله وهذا هو السبب في دخول النساء نار جهنم والعياذ بالله.

 

قال المهلب (¬): (إنما استحق النساء النار بكفرانهن العشير من أجل أنهن يكثرن ذلك الدهر كله، ألا ترى أن النبى، (’)، قد فسره، فقال: (لو أحسنت إلى إحداهن الدهر) ، لجازت ذلك بالكفران الدهر كله، فغلب استيلاء الكفران على دهرها، فكأنها مصرة أبدا على الكفر، والإصرار من أكبر أسباب النار. وفى هذا الحديث تعظيم حق الزوج على المرأة، وأنه يجب عليها شكره والاعتراف بفضله؛ لستره لها وصيانته وقيامه بمؤنتها وبذله نفسه فى ذلك، ومن أجل هذا فضل الله الرجال على النساء فى غير موضع من كتابه).

 

 

 

عظمة القران

 

قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [الرعد: 31].

 

أنزل الله هذا القرآن وكل الكتب السماوية السابقة من أجل هداية الناس الى صراط الله المستقيم ودينه القويم. ولم ينزله لكي يُسيّر به الجبال فتتسع لهم البلاد أو يقطع لهم به الأرض فتنبع لهم عيونها أو يحي به الموتى كي يكلمونهم ومع كل هذا وذاك لو صنع لهم به ما يطلبونه من تسيير الجبال وتقطيع الأرض وإحياء الموتى ما آمنوا به الا أن يشاء الله ولو وجد كتابا سماويا يفعل به هذه الأشياء لكان هذا القرآن أحق بذلك منها لأنه الكتاب المهمين والخاتم.

 

ثم إنّ هذه الآيات من تحريك الجبال وتشقق الأرض وتكليم الموتى أمور آنية تنتهي بزمان حدوثها ولا تراها الأجيال اللاحقة وأما القرآن فكتاب مستمر ومعجزته باقية لجميع الناس في كل وقت ومكان.

 

ولو كان هؤلاء الذين يطلبون الايات صادقين فيما يزعمون لما توقفوا لحظة عن الإيمان بهذا القران لقوة حجته ووضوح برهانه ولكن ختم الله على قلوبهم فلا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية!

 

أغنياء بلا رحمة

 

قال تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [آل عمران: 180].

 

شريحة الأغنياء في المجتمعات شريحة واسعة وهي التي تجد كفايتها وأكثر ولا تقتصر على التجار فقط نعم حساب التّجار أصحاب الأموال النامية إن أهملوا النظر في قوت الجياع وتركوا النظر في حاجة المحتاجين أشد وعذابهم إن تركوا الواجب أعظم.

 

وقد هدد الله ووعيده نافذ أن من يمسك ماله عمّن يجوعون بالعذاب الأليم والشرّ في الدنيا والآخرة فلا نفسه تسلم من الشر ولا ماله يسلم من الآفات ولا صحيفة أعماله تسلم من السيئات!

 

نعم قد يتمتع بماله برهة من الدهر ولكنه سيصير الى عذاب أليم دائم ويقذف الله في قلوب النّاس بغضه ولا يسلم من دعاء المساكين عليه لأنه يحبس عنهم ما جعله الله حقا لهم.

 

فالله الله في الملهوفين خصوصا في أيامنا هذه وقد اشتعلت أسعار أقوات الناس وحوربوا في أساسيات معيشتهم فلا تجمعوا عليهم عسرين قال رَسُولُ اللهِ (‘): ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عَنْهُ))([25]).

 

فضل ليلة النصف من شعبان

عَنْ عَائِشَةَ (~) قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ (‘) لَيْلَةً فَخَرَجْتُ، فَإِذَا هُوَ بِالبَقِيعِ، فَقَالَ: أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فَقَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ (¸) يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ))([26]).

 

 

هذه الليلة من أعظم ليالي السنة من فاتته فاته خير عظيم وهل هناك شيء أعظم من اطلاع الله على عباده المخلصين العبّاد ليغفر ذنوبهم ويحقق مطالبهم ويدفع البلاء عنهم.

 

وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل إحياءها بالذكر والعبادة ولولا خشية الاطالة لذكرناها الا ان هذه الاحاديث غالبها ضعيفة ضعفا غير شديد ممكن أن تنجبر ببعضها ومما أتفق عليه العلماء جواز الاخذ بالحديث الضعيف والعمل به في فضائل الاعمال.

 

وقد ندب احياء هذه الليلة جماهير علماء الأمة من جميع المذاهب المعتبرة (قال الشافعي (¬)) : وبلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في خمس ليال في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان قال الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال رأيت مشيخة من خيار أهل المدينة يظهرون على مسجد النبي - - ليلة العيد فيدعون ويذكرون الله حتى تمضي ساعة من الليل، وبلغنا أن ابن عمر كان يحيي ليلة جمع، وليلة جمع هي ليلة العيد لأن صبيحتها النحر (قال الشافعي) : وأنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي من غير أن يكون فرضا)([27]).

 

 (وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل وكان في السلف من يصلي فيها لكن الاجتماع فيها لإحيائها في المساجد بدعة)([28]).

 

 (ونقل النووي الاتفاق فقال أجمع أهل الحديث وغيرهم على العمل في الفضائل ونحوها مما ليس فيه حكم ولا شيء من العقائد وصفات الله تعالى بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال)([29]).

 

 

العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال

لو نظرنا في جميع الكتب المعتمدة المسندة من الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها من الكتب مما اتفقت الأمة على جلالة أصحابها وورعهم لوجدنا هذه الكتب لا تخلو من الحديث الضعيف خصوصا الاحاديث الضعيفة ضعفا خفيفا أو مما ينجبر ضعفها وإنما أودع الأئمة هذه الأحاديث كتبهم ليس لبيان ضعفها فقط بل لجواز الأخذ بها في أمور معينة كالعمل بها في فضائل الأعمال والقصص والسيرة ومكارم الأخلاق والزهد.. خصوصا اذا كانت تدخل تحت أصل معلوم من الشرع ولكنهم يتورعون عن الأخذ بها في مسائل مهمة وحساسة كمسائل العقيدة والحلال والحرام -أي الاحكام- وهذا هو قول عامة العلماء وهناك أقوال لا يعول عليها.

أما الحديث الموضوع فلا يأخذون به بل يضربونه عرض الحائط.

 

قال النووي (¬): (قد يروون عنهم أحاديث الترغيب والترهيب وفضائل الأعمال والقصص وأحاديث الزهد ومكارم الأخلاق ونحو ذلك مما لا يتعلق بالحلال والحرام وسائر الأحكام وهذا الضرب من الحديث يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل فيه ورواية ما سوى الموضوع منه والعمل به لأن أصول ذلك صحيحة مقررة في الشرع معروفة عند أهله وعلى كل حال فإن الأئمة لا يروون عن الضعفاء شيئا يحتجون به على انفراده في الأحكام فإن هذا شيء لا يفعله إمام من أئمة المحدثين ولا محقق من غيرهم من العلماء وأما فعل كثيرين من الفقهاء أو أكثرهم ذلك واعتمادهم عليه فليس بصواب بل قبيح جدا وذلك لأنه إن كان يعرف ضعفه لم يحل له أن يحتج به فإنهم متفقون على أنه لا يحتج بالضعيف في الأحكام وإن كان لا يعرف ضعفه لم يحل له أن يهجم على الاحتجاج به من غير بحث عليه بالتفتيش عنه إن كان عارفا أو بسؤال أهل العلم به إن لم يكن عارفا والله أعلم)([30]).

 

وقال الامام ابن دقيق العيد (¬): قول النووي: " وقد اتفق العلماء على العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال" أي لأنه إن كان صحيحاً في نفس الأمر، فقد أعطى حقه من العمل به. وإلا فلم يترتب على العمل به مفسدة تحليل ولا تحريم؛ وشرط جواز العمل به: أن لا يشتد ضعفه، بأن لا يخلو طريق من طرقه من كذاب أو مهتم بالكذب، وأن يكون داخلاً تحت: أصل كلي، كما إذا ورد حديث ضعيف بصلاة ركعتين بعد الزوال مثلاً، فإنه يعمل به لدخوله تحت أصل كلي؛ وهو قوله (‘): "الصلاة خير موضوع، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر". رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة، أي خير شيء وضعه الله تعالى)([31]).

 

قال النووي (¬): (وَإِنَّمَا أَبَاحَ الْعلمَاء [الْعَمَل بالضعيف فِي الْقَصَص وفضائل الْأَعْمَال الَّتِي لَيست فِيهَا مُخَالفَة لما تقرر فِي أصُول الشَّرْع مثل: فضل التَّسْبِيح، وَسَائِر الْأَذْكَار، والحث عَلَى مَكَارِم الْأَخْلَاق، والزهد فِي الدُّنْيَا، وَغير ذَلِك مِمَّا أُصُوله مَعْلُومَة مقررة)([32]).

 

وقال الشوكاني (¬): (وعن عائشة عند الترمذي عن النبي - - «من صلى بعد المغرب عشرين ركعة بنى الله له بيتا في الجنة» والآيات والأحاديث المذكورة في الباب تدل على مشروعية الاستكثار من الصلاة ما بين المغرب والعشاء، والأحاديث وإن كان أكثرها ضعيفا فهي منتهضة بمجموعها لا سيما في فضائل الأعمال)([33]).

 

 

 

وقال ابن الملقن (¬): (لا يجوز العمل في الأحكام ولا يثبت إلا بالحديث الصحيح أو الحسن، ولا يجوز بالضعيف لكن يعمل به فيما لا يتعلق بالعقائد والأحكام، كفضائل الأعمال والمواعظ وشبههما)([34]).

 

وقال ابن الأثير (¬): (قال أحمد بن حنبل (¬): «إذا روينا عن النبي - - في الحلال والحرام والسُّنن والأحكام - تشدَّدنا في الأسانيد، وإذا روينا عنه في فضائل الأعمال وما لا يضع حكمًا ولا يرفعه، تساهلنا في الأسانيد، ولولا الأسانيد لقال من شاء ما شاء»([35]).

 

وقال ابن الملقن (¬): (وقد نص العلماء على أنه يتسامح في الأحاديث الواردة في فضائل الأعمال. ذكر الحاكم أبو عبد الله في كتابه «المستدرك على الصحيحين» في أول كتاب الدعاء بإسناده عن عبد الرحمن بن مهدي قال: إذا روينا عن النبي - - في الحلال والحرام والأحكام شددنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال، وإذا روينا في فضائل الأعمال والثواب والعقاب والمباحات والدعوات تساهلنا في الأسانيد.

 

 

 

قال الشيخ تقي الدين ابن الصلاح: نقاد أهل الحديث يتسامحون في أسانيد الرغائب والفضائل.)([36]).

 

 (وقال ابن عبد البر: إنهم يتساهلون في الحديث إذا كان من فضائل الأعمال، فإن قيل: كيف هذا مع اشتراطهم في جواز العمل بالضعيف عدم اعتقاد ثبوته؟ قلنا: بحمله على ما صح مما ليس بقطعي حيث لم يكن صحيحا في نفس الأمر، أو بحمله إن كان عاما بحيث يشمل الضعيف على اعتقاده الثبوت من حيث إدراجه في العمومات لا من جهة السند)([37]).

 

وقال السخاوي (¬): (وفضائل الأعمال قد تسامحوا فيما لم يتناه في الضعف منها. والله الموفق)([38]).

 

وقال السيوطي (¬): (وقد تساهل أهل الحديث فى قبول ما ورد من المدعوات، وفضائل الأعمال، ما لم يكن من رواية من يعرف بوضع الحديث أو الكذب فى الرواية انتهى")([39]).

 

 

الزواج بين النجاح والفشل

العلاقة الزوجية علاقة معقدة وشائكة وفيها متعلقات كثيرة ومملوءة بالحقوق والواجبات وهي علاقة الأصل فيها أنها ممتدة الى الموت. فقد تكون تحت سقف واحد مع شريك حياتك ثمانين سنة تزيد أو تنقص وفي غالب الأحيان تقتصر على زوجة واحدة -أي وجه واحد تنظر اليه وينظر اليك طوال هذه المدة- بسراءها وضراءها وحلوها ومرها، وقد لا يكون بينهما أطفال: يذهبون عنهما أحزانهما ويقرون أعينهما وقد يكون لهم أطفال يزيدون همومهما ويكثرون عليهما أعباء الحياة هذه هي الدنيا لا تخلو من كَدر العيش!

 

وهذه القضية الكبيرة عالجها الشرع ووضع لها الحلول المسبقة حتى يستقيم أمر الأسرة وتنجح العلاقة الزوجية وتكون علاقة مقدسة لها تأثير مباشر على المجتمع؛ ولكي يكون زواجا ناجحا أمر المؤمنين بأن لا يتأخروا طرفة عين إذا جاء من رضي الناس خلقه ودينه هذا بالنسبة للزوج فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - -: ((إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوه تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ))([40]).

 

 

وأما المرأة فكذلك أرشدنا نبينا (‘) الى اختيار المرأة العفيفة الصالحة الحكيمة فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (¢)، عَنِ النَّبِيِّ (‘) قَالَ: ((تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ ))([41]).

 

قال النووي (¬): (قوله (‘) (تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) الصحيح في معنى هذا الحديث أن النبي (‘) أخبر بما يفعله الناس في العادة فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع وآخرها عندهم ذات الدين فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين لا أنه أمر بذلك)([42]).

 

مشيخة آخر زمان!

 

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ (¢) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (‘) يَقُولُ: ((إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا))([43]).

 

منذ زمن ليس بالقليل ظهر بعضُ من سُخرت لهم وسائل الإعلام وادعى أنه من المجتهدين وهي دعوى مبطنة لترك الاعتماد على التراث وترك التمذهب والأخذ مباشرة من الكتاب والسنة! لذلك بسبب هذه الدعوى الباطلة ظهرت فتاوى باطلة أو ضعيفة المأخذ تسببت في تهاون الناس بأمور مهمة من الدين وفتّوا بها وحدة المسلمين ثم نشأ جيل أجهل من الأوائل لا يعرفون للعلماء قدرهم وقد أخذوا من أسلافهم التهاون بالفتوى بحجة الأخذ من الكتاب والسنة مباشرة فاستهانوا بالأئمة الأربعة وأصحابهم وأتباعهم -- وتمسكوا بقوم من هذه القرون المتأخرة بحجة أن هؤلاء يأخذون من الكتاب والسنة ويتبعون السلف بخلاف أولئك الأئمة!

 

وللأسف أن الجهات الرقابية سكتت عن هؤلاء ولم تسكت عمن ادعى الطب وليس بطبيب أو من انتحل رتبة ليست له لذلك صارت هذه الفوضى هي التي تهدم عرى الإسلام عروة عروة وتسببت لنا بإنشاء جيل من الجهلة الحقودين على أهل الإسلام بدعوى الاجتهاد!

 

وكم رأينا من حقود جاهل لا يعلم شيئا من علوم الآلة أو ليس له باع في العلوم الأصيلة تصدر فكفّر وبدّع وفسّق وفرّق بين المسلمين بحجة البدعة والخروج عن منهج أهل السنة والجماعة وهو من أبعد الناس عن منهجهم ولو فتش هذا الجاهل في جميع كتب المجتهدين الكبار لوجدهم قرروا ما نهى عنه ولكنه عمى البصيرة واتباع الهوى أعاذنا الله منهما.

 

قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: 36]. قال الطبري (¬): (لا تقل للناس وفيهم ما لا علم لك به، فترميهم بالباطل، وتشهد عليهم بغير الحقّ، فذلك هو القفو). جامع البيان ت شاكر (17/ 448).

 

غفلة الناس عن النذر

قال تعالى: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء: 59].

وقال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [يوسف: 105 - 107].

 

من عظيم رحمة الله بعباده أنه حليم بهم لا يبغتهم بالعقوبة بلا نذر وآيات يرسلها عليهم يخوفهم بها لكي ينتهوا عن الموبقات ويؤدوا ما عليهم من الحقوق والواجبات. وكلما اقتربنا من النهاية اشتدت النذر وعظمت الآيات حتى تنقطع التوبة فتكون العلامات الكبرى والهلاك العظيم.

 

وما نشاهده ونسمعه من نذر السماء والأرض تشيب له رؤوس المؤمنين: من الزلازل العظيمة التي لم يسبق لها مثيل، والأعاصير المهلكة والفيضانات والسيول العظيمة الجارفة والشهب التي لم يسبق لنا مشاهدتها فاليوم نرى قذفَ الشهب الحارقة بالجملة وهي تضئ السماء وتحرق الشياطين وتخوف العباد.. وهذه الآيات بها يهلك ألوف الناس وتنهدم القرى ويهلك الله بها ما شاء من خلقه كل ذلك من أجل انذار الناس لقدوم شيء عظيم ولعلّ الناس يتوبون قبل فوات الأوان، عن قتادة (¬)، قوله (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا) إن الله يخوّف الناس بما شاء من آية لعلهم يعتبرون، أو يذكَّرون، أو يرجعون، ذُكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود، فقال: يأيها الناس إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه)([44]). نسأل الله السلامة.

 

زوال إسرائيل حقيقة أم خيال؟!

زوال الكيان الصهيوني حتميّ ويقينيّ بالنسبة للمؤمنين، وخيال بالنسبة لغير المؤمنين؛ فالمنافق ينظر لقوة العدو واحتضان الدول العظمى له ومده بالمال والسلاح والإعلام وكل شيء.. إضافة الى ما يكون من هذا المنافق من التشكيك بوعد الله القريب لنصرة المستضعفين. وأما المؤمن فله نظرة أخرى وتحليل آخر فعنده قبل كل شيء التصديق بوعد الله ووعيده تصديقا جازما عاريا عن الشك، فالمؤمن لا ينظر لقوة العدو لأن قوته قوة مقيدة؛ بل ينظر لقوة الله المطلقة فيطمئن ويصبر ويرضى ثم يأخذ بالأسباب الشرعية لبلوغ الغاية المرضيّة.

 

ثم ان اليهود الصهاينة يقولون إن دولتنا دولة أبدية. والله (™) يقول: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 7]. فمن نصدق الله أم اليهود؟! أما المؤمنون فلا يشكون طرفة عين بوعد الله، وأما المنافقون الهلكى فقال الله فيهم:﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ [المائدة: 52].

 

وما نراه اليوم أفضل بكثير من السابق فقوة المؤمنين في ازدياد وعزيمتهم تناطح السحاب، وأما يهود فأرعبتهم سيف القدس وبدءوا يعيدون حساباتهم ويرتبون أوراقهم ولعلهم الى الان لم يستفيقوا من هول الصدمة التي دّكت معاقلهم وهزت أركان عروشهم. ونحن نرتقب وهم يرتقبون والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين: ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف: 128].

 

حُثالة الناس

وهم الذين وصفهم سيدنا محمد (‘) بقوله: «كَيْفَ بِكُمْ وَبِزَمَانٍ» أَوْ ((يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ زَمَانٌ يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً، تَبْقَى حُثَالَةٌ مِنَ النَّاسِ، قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ، وَأَمَانَاتُهُمْ، وَاخْتَلَفُوا ، فَكَانُوا هَكَذَا)) وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، فَقَالُوا: وَكَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ، وَتَذَرُونَ مَا تُنْكِرُونَ، وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ، وَتَذَرُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ»([45]).

 

وهم سفهاء القوم وأرذلهم: السنتهم تلهج بالشهادتين وقلوبهم قلوب الذئاب مصالحهم فوق الشريعة وشريعتهم التأويل الفاسد به أكلوا أموال الناس بالباطل وخذلوا أهل الحق وحاربوا أولياء الله، يتبعون كل ناعق ويسيرون خلف كل سفيه ويسمعون كلام كل رويبضة لا همّ لهم الا بطونهم وفروجهم يصخبون في الأسواق والمساجد على حد سواء لا يعرفون لله حرمة وليس لهم مروءة أشكالهم بشرية وتصرفاتهم حيوانية وغاياتهم إبليسية..

 

ونعم النصيحة النبوية والهداية المحمدية في مثل هذه الأوقات التي يكثر فيها الحثالات وتنتشر البليّات بإن نأخذ ما وافق الشرع مما عليه السواد الأعظم ممن يتبعون الأئمة الأربعة (†) ونترك من خالفهم خصوصا في هذا الزمن الذي فُقد فيه المجتهدون أمثال أولئك الأئمة الكبار الأطهار.

 

 

 

ثم وصية أخرى باعتزال العامة من الناس فيما نستطيع ونقبل على العزلة للخلاص من شر من مرجت عهودهم وابتعدوا عن جادة الصواب قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 105].

 

السلبية المقيتة

بعد أن خلق الله الانسان على أحسن تقويم أراد منه أن يكون إنسانا إيجابيا وبشرا مستقيما كما أحسن خلقه.

 

ومن هؤلاء من سلمت سريرته وجمل نطقه واستقامت جوارحه وهم عباد الرحمن فسلم من حظ الشيطان الذي في نفوسهم البشر والشجر والحجر!

بل حتى مشيتهم الجميلة وصفها الله بقوله تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63] حتى من اعتدى عليهم بالكلام ردوا عليه هذا الاعتداء بضده لأنهم عباد الرحمن ولعل الجاهل يهتدي.

 

 

وأما الصنف الآخر وهم السلبيون وهؤلاء لا يخلو منهم مجتمع؛ بل هم الأكثر في هذا العالم وقد وصفتهم الآية السابقة بالجهل وأعظم شيء عصي به الله الجهل فبه يعظم ظلم الانسان للخلق وبه يجحد المخلوق حق الخالق وبه تستجلب الطاقة السلبية فيكون الانسان عدوانيا شرها فلا أطاع الخالق ولا رحم الخلق!

 

والواجب على مثل هؤلاء أن يتعظوا بأمثالهم ممن قدّر الله لهم سوء الخاتمة ﴿إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ [الزمر: 15].

 

 

أثر البلاء في تكفير السيئات

كل واحد منّا يذنب وكل واحد منا يبتلى ولكن البلاء يتفاوت ولكن ليس كل واحد منا يصبر ويرضى بقضاء الله وقدره ولو علم الإنسان ما يدخر الله لعبده المبتلى من الأجر وما يكفر عنه من الخطايا لشكر ربه على البلاء ولو ذهبت أعضاءه عضوا عضوا وماله فلسا فلسا وخير مثال في الصبر على البلاء نبي الله أيوب (‘) حتى جعل مضرب المثل في الصبر ثم عوضه الله خيرا مما أخذه منه.

 

فإن كان الانسان صالحا تقيا ثم ابتلي فهذه علامة خير وتدل على محبة الله له. وإن كان غير ذلك فهي إما عقوبة الله له في الدنيا قبل الآخرة وإما سبب جعله الله في نفس المبتلى أو ماله أو عياله ليعود اليه! والعبد أحيانا النعمة تطغيه والنقمة تهديه بإذن الله، قال تعالى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الأعراف: 168].

 

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (‘): ((فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ))([46]).

 وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (‘): ((إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْماً ابْتَلاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ))([47]).

 

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ (¢): أَتَيْتُ النَّبِيَّ (‘) فِي مَرَضِهِ، وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قُلْتُ: إِنَّ ذَاكَ بِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَالَ: «أَجَلْ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إِلَّا حَاتَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ، كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ»([48]).

 

 

فأبشر يا عبد الله المبتلى بتكفير السيئات وغفران الخطيئات ويا لسعادة المؤمن الصابر أمره كله له خير يصبح ويمسي في خير يقبل ويدبر في خير يكتب أجره كاملا أثناء قعوده عن العبادة بسبب البلاء فضلا من الله ونعمة.

 

فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (¢)، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (‘) رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنَ المَدِينَةِ، فَقَالَ: «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا، مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: «وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ»([49]).

 

الرجوع الى الحق فضيلة

قد يمنع الانسان من الرجوع الى الحق خسارة ثروة أو وظيفة أو زوجة أو منصب أو جاه أو جماعة أو منفعة عاجلة أو آجلة... ومن امتنع من الحق وتمادى على الباطل لأي سبب فهو بلعم بن باعوراء زمانه وأيضا علامة على أن من المنافقين لأنه قدم الدنيا على الآخرة والفانية على الباقية وهذا نقص في العقل والدين.

 

 

 

عَنْ أَنَسٍ (¢)، أَنَّ النَّبِيَّ (‘) قَالَ: ((كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ))([50])

 

فلا يغرنك أيها الانسان أن تكون عالما أو دكتورا.. فمهما بلغت رتبتك فأنت في إطار البشرية غير المعصومة والباطل يرد عليك كما يرد على خصمك وكما يرد أيضا على شيخك وشيخ شيخك.. فإياك إن تبين لك الحق أن تتمادى في الباطل وتزعم أنه لو كان كذلك لما خفي على من هو أعلى مني رتبة!

 

وفي كِتاب عُمَرَ ر إلَى أبى موسَى -ƒ-: أمّا بَعدُ ((لَا يَمْنَعُك قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ رَاجَعْتَ فِيهِ نَفْسَك، وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِك، أَنْ تُرَاجِعَ الْحَقَّ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ، وَمُرَاجَعَةُ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنْ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ))([51]) وهذه العبارة تكتب بماء الذهب وفيها درس لقضاة وعلماء الامة أن يرجعوا الى الحق فور العلم به.

 

وكثير من علماء الأمة رجعوا الى الحق وتركوا الباطل الذي كانوا يذبون عنه منهم الامام المبجل شيخ الإسلام أبو الحسن الأشعري فقد بلغ الأربعين من عمره وهو في يجلس في حلقات المعتزلة مقلدا لهم ومدافعا عنهم حتى شرح الله صدره لمذهب أهل السنة والجماعة فالتزمه وأصل فيه ودافع عنهم وردّ الباطل الذي كان عليه فرفعه الله حتى صار إماما في الدين تنتسب اليه جلّ الأمة وتترضى عنه وهو من أفضل الأمثلة لمن جاء بعده.

 

قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201].

 

هل يوجد في الصحابة منافقون؟

لولا ما يثار حول هذا الموضوع لما كتبت فيه لشدة وضوحه عند أهل السنة من أن الصحابة كلهم عدول ثقات الا من ينسب للصحبة في الظاهر مع كونه منافقا في الباطن وهم نفر قليل معروفون للصحابة.

 

وقد أثار بعض الناس حديثا في صحيح مسلم للطعن في الصحابة وهذا باطل كما سنوضحه ان شاء الله الحديث:

 

عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَالَ: قُلْنَا لِعَمَّارٍ: أَرَأَيْتَ قِتَالَكُمْ، أَرَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ؟ فَإِنَّ الرَّأْيَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، أَوْ عَهْدًا عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللهِ (‘)؟ فَقَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ (‘) شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ (‘)، قَالَ: (إِنَّ فِي أُمَّتِي) قَالَ شُعْبَةُ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: حَدَّثَنِي حُذَيْفَةُ، وَقَالَ غُنْدَرٌ: أُرَاهُ قَالَ: ((فِي أُمَّتِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا، حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ، سِرَاجٌ مِنَ النَّارِ يَظْهَرُ فِي أَكْتَافِهِمْ، حَتَّى يَنْجُمَ مِنْ صُدُورِهِمْ))([52]).

 

في الحديث بين رسولنا (‘) ان المنافقين اثني عشر منافقا مع العلم ان المنافقين في زمن الرسول (‘) أكثر بكثير من هذا العدد اذن يدل هذا الحديث ان المنافقين المقصودون في الحديث هم من وصفوا في حادثة معينة وهذه الحادثة هي محاولة اغتيال نبينا (‘) عند العقبة قال النووي (¬): (وهذه العقبة ليست العقبة المشهورة بمنى التي كانت بها بيعة الأنصار وإنما هذه عقبة على طريق تبوك اجتمع المنافقون فيها للغدر برسول الله (‘) في غزوة تبوك فعصمه الله منهم)([53]).

 

وهؤلاء كلهم من الانصار (فعن نافع بن جبير قال لم يخبر رسول الله - - بأسماء المنافقين الذين نخسوا به ليلة العقبة بتبوك غير حذيفة وهم اثنا عشر رجلاً ليس منهم قريشي وكلهم من الأنصار أو من حلفائهم وقد ذكرهم الزبير بن بكار في كتاب النسب فقال مغيب بن قشير بن مليل وهو الذي قال لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ووديعة بن ثابت وهو الذي قال إنما كنا نخوض ونلعب وجد بن عبد الله بن نبتل والحرث بن يزيد الطائي وهو الذي سبق الوشل بتبوك وأوس بن قبطي وهو الذي قال: إن بيوتنا عورة والجلاس بن سويد بن الصامت قال وبلغنا أنه تاب بعد ذلك وسعد بن زرارة وكان أصغرهم سناً وأخبثهم وقيس بن فهد وسويد وداعس وقيس بن عمرو بن سهل وزيد بن اللصيت وكان من يهود قينقاع وسلالة بن الحمام)([54]).

 

وهؤلاء نُسبوا الى الصحابة فيما يظهر للناس لانهم كانوا يصلون ويجاهدون ويزكون ولكنهم يفعلون هذا ليحفظوا أرواحهم من أن يزهقها سيف الحق.

 

المجاعة والدجال

عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ (‘) الدَّجَّالَ فقال: (.. فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ، أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ)([55]).

 

 

 

وعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِيَّ (‘)، عَنِ الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ، قَالَ: «وَمَا سُؤَالُكَ؟» قَالَ: قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَعَهُ جِبَالٌ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ، وَنَهَرٌ مِنْ مَاءٍ، قَالَ: «هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ ذَلِكَ»([56]).

 

إن أعظم وسائل الدجال إنما تكون عن طريق الخداع وتخييل الباطل حقا وهذا يتم عن طريق السيطرة المركزية على وسائل الاعلام المؤثرة على عقول البشر وهذا ما نراه يحدث وستحدث أشياء أعظم مما نراه نسأل الله أن يكفينا شرها.

 

وكذلك عن طريق محاربة الناس في أرزاقهم وخلق طبقة معدمة وهي الطبقة الأكثر في المجتمعات عموما، وتملك رؤوس الأموال لجهات معينة في العالم سيكون لها الدور الأكبر في المستقبل.

 

وهذه الخطة موضوعة من قديم وتتجدد بحسب الظروف التي يقدرها الله سواء كانت مما يتعامل به البشر أو مما لا قدرة للبشر عليه.

 

ولو نظرنا للاحاديث التي ذكرت فتنة الدجال لوجدنا أن الأمة ستمر بأزمة غذائية وقد تكون مائية أيضا تهدد حياتهم وهذه المجاعة ستخلق فوضى عارمة تهدد السلم المجتمعي ولكن هذه المجاعة لا تدوم طويلا وهي صنعت بتقدير لله ليميز الله بها الخبيث من الطيب لذلك هنا يبرز دور المسيح الدجال في استغلال هذه المجاعة لصالحه فمن آمن به نجى –بحسب ظنه- ومن كفر به أهلكته المجاعة؛ لذلك جاء في الحديث انه يمطر السماء وينبت الارض وهذا ليس على سبيل الحقيقة فالله لا يعطي كافرا دجالا معجزة وانما إمطار السماء سيكون بحيلة يتوصل لها وكذلك إنبات الأرض فينخدع بها كثير من الناس غير المؤمنين كما أنهم سينخدعون ويؤمنون بكونه رب مع أن المؤمنين الخلص يجزمون أن الله لا يمكن أن يكون شيئا منظورا في الأرض.

 

ولا خيار للناس للنجاة من الأعور الا باللجوء الى الله وكثرة الذكر فبه ينجو الناس من فتنة الدجال والجوع عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ (‘)، فَكَانَ أَكْثَرُ خُطْبَتِهِ حَدِيثًا، حَدَّثَنَاهُ عَنِ الدَّجَّالِ، وَحَذَّرَنَاهُ، فَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ قَالَ «.. وَإِنَّ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ شِدَادٍ، يُصِيبُ النَّاسَ فِيهَا جُوعٌ شَدِيدٌ، يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى أَنْ تَحْبِسَ ثُلُثَ مَطَرِهَا، وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَ نَبَاتِهَا، ثُمَّ يَأْمُرُ السَّمَاءَ، فِي الثَّانِيَةِ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ مَطَرِهَا، وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ نَبَاتِهَا، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ، فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ، فَتَحْبِسُ مَطَرَهَا كُلَّهُ، فَلَا تُقْطِرُ قَطْرَةً، وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ، فَتَحْبِسُ نَبَاتَهَا كُلَّهُ، فَلَا تُنْبِتُ خَضْرَاءَ، فَلَا تَبْقَى ذَاتُ ظِلْفٍ إِلَّا هَلَكَتْ، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ» ، قِيلَ: فَمَا يُعِيشُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ؟ قَالَ «التَّهْلِيلُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَالتَّسْبِيحُ، وَالتَّحْمِيدُ، وَيُجْرَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مُجْرَى الطَّعَامِ»([57]).

 

صلاح المسلم يقيه ويقي ذريته مصارع السوء

قال تعالى: ﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [الكهف: 80 - 82].

 

أنظروا كيف حمى الله أولياءه من أعداءهم حتى ولو كانوا أبناءهم وليس ذلك وحسب بل أكرمهم بأحسن ذرية ترعاهما وتحسن اليهما وتحافظ على صلاحهما كل ذلك الحفظ والتعويض ببركة صلاحهما وإيمانهما بالله العظيم.

 

وبركة صلاح المسلم لا يقتصر عليه بل يتعداه الى أحبابه وذريته من بعده فمن كان صالحا فلا يخشى ضياع عقبه من بعده فالبركة تحيط بالفروع ببركة أصولهم لذلك حفظ الله الغلامين وأرسل الله لهما أفضل رجال ذلك الزمان ليحفظوا لهما حقهما من غير أن يخسروا فلسا واحدا بل ومن غير طلب منهما كل ذلك ببركة صلاح أبيهما (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا).

 

فهذه إشارة القرآن الكريم للناس جميعا: اصلحوا أنفسكم وأعمالكم يصلح الله لكم أحوالكم وأحوال ذريتكم.

 

المحتويات

المقدمة: 3

فطنة المؤمن. 4

حصن المؤمن. 6

نساء جهنم. 8

عظمة القران. 19

أغنياء بلا رحمة 20

فضل ليلة النصف من شعبان. 21

العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال. 23

الزواج بين النجاح والفشل. 28

مشيخة آخر زمان! 29

زوال إسرائيل حقيقة أم خيال؟! 32

حُثالة الناس.. 33

السلبية المقيتة 35

أثر البلاء في تكفير السيئات.. 36

الرجوع الى الحق فضيلة 38

هل يوجد في الصحابة منافقون؟. 40

المجاعة والدجال. 42

صلاح المسلم يقيه ويقي ذريته مصارع السوء. 45



([1]) صحيح البخاري ح(6133)، وصحيح مسلم ح(2998).

([2]) معالم السنن (4/ 119).

([3]) إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 547).

([4]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (6/ 631).

([5]) صحيح مسلم 4/2080 ح(2708).

([6]) صحيح مسلم 4/2081 ح(2709)

([7]) فيض القدير (1/ 446).

([8]) سنن الترمذي ت بشار 4/403 ح(2786).

([9]) فيض القدير (5/ 27).

([10]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (5/ 556).

([11]) <صحيح مسلم 3/1680 ح(2128)>.

([12]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (5/ 449).

([13]) كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 567).

([14]) <صحيح مسلم 2/644 ح(934)>.

([15]) شرح صحيح البخارى (3/ 275).

([16]) المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 459).

([17]) فيض القدير (6/ 293).

([18]) <صحيح البخاري 7/159 ح(5885)>.

([19]) شرح صحيح البخاري لابن بطال (9/ 140).

([20]) <صحيح البخاري 7/165 ح(5933) و ح(5934) و ح(5937)، وصحيح مسلم 3/1676 ح(2122)>.

([21]) شرح النووي على مسلم (14/ 103).

([22]) <صحيح البخاري 7/166 ح(5943) وص/167 ح(5948)>.

([23]) شرح النووي على مسلم (14/ 106).

([24]) رواه البخاري (1/ 15) ومسلم (2/ 626).

([25]) <صحيح مسلم 3/1196 ح(1563)>.

([26]) <سنن الترمذي ت بشار 2/108 ح(739)>.

([27]) الأم للشافعي (1/ 264).

([28]) الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (1/ 154).

([29]) النكت على مقدمة ابن الصلاح للزركشي (2/ 310).

([30]) شرح النووي على مسلم (1/ 125).

([31]) شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد (ص: 20).

([32]) خلاصة الأحكام (1/ 60).

([33]) نيل الأوطار (3/ 68).

([34]) التوضيح لشرح الجامع الصحيح (2/ 67).

([35]) جامع الأصول (1/ 109).

([36]) البدر المنير (2/ 280).

([37]) المقاصد الحسنة (ص: 635).

([38]) الأجوبة المرضية (2/ 678).

([39]) جمع الجوامع (24/ 52).

([40]) سنن ابن ماجه ت الأرنؤوط (3/ 141).

([41]) <صحيح البخاري 7/7 ح(5090)>.

([42]) شرح النووي على مسلم (10/ 51).

([43]) <صحيح البخاري 1/31 ح(100)>.

([44]) تفسير الطبري ت شاكر (17/ 478).

([45]) <سنن أبي داود 4/123 ح(4342)>.

([46]) <سنن الترمذي ت بشار 4/179 ح(2398)>.

([47]) <سنن الترمذي ت بشار 4/179 ح(2396)>.

([48]) رواه البخاري (7/ 115).

([49]) رواه البخاري (6/ 8).

([50]) <سنن الترمذي ت بشار 4/240 ح(2499)>.

([51]) السنن الكبرى للبيهقي ت التركي (20/ 353).

([52]) <صحيح مسلم 4/2143 ح(2779)>.

([53]) شرح النووي على صحيح مسلم (17/ 125).

([54]) تخريج أحاديث إحياء علوم الدين للعراقي (1/ 221).

([55]) أخرجه مسلم (4/ 2252).

([56]) أخرجه مسلم (4/ 2258).

([57]) أخرجه ابن ماجه (2/ 1359).

الآجرّوميّة