الثلاثاء، 28 أكتوبر 2025

فوقية الحجة لا السيف: كيف كشف لنا حال المسيح معنى فوقية أتباعه؟ ‏

 ‏ 

‏في سورة آل عمران، وعدٌ إلهي قاطع يتردد صداه عبر القرون: "وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". هذا وعدٌ للمسيح عيسى عليه السلام، بأن أتباعه سيعلون على من كفر به. لكن سؤالين يفرضان نفسيهما بقوة: من هم الأتباع الحقيقيون؟ وما هي هذه الفوقية الموعودة، خاصة في عالم اليوم؟

‏الجواب لا يكمن في السجلات العسكرية أو الخرائط السياسية، بل في فهم جوهر الرسالات، وفي النظر إلى حال النبي المتبوع نفسه.

‏#من هم أتباع عيسى حقاً؟

‏الاتباع ليس ادعاءً، بل هو التزام بجوهر الدعوة. وجوهر دعوة المسيح وكل الأنبياء هو التوحيد الخالص.

‏* من قالوا هو "ابن الله" فقد خالفوه في أصل دعوته.

‏* ومن كذبوه وحاربوه فقد كفروا به.

‏* فلم يبقَ إلا من آمن به كما هو حقاً: عبداً لله ورسوله. هؤلاء هم المسلمون، ورثة دعوة التوحيد الصافية، وهم أولى الناس بعيسى، وهم أتباعه الحقيقيون الذين عناهم الوعد الإلهي.

‏#سر الفوقية: انظر إلى النبي، لا إلى أتباعه فقط

‏وهنا ينجلي السر الأعظم الذي يكشف طبيعة هذه الفوقية. قد يتبادر إلى الذهن أنها فوقية القوة والسلطان، لكن نظرة واحدة إلى حال المسيح عليه السلام تنسف هذا الفهم.

‏كيف كانت فوقية عيسى نفسه؟

‏المسيح عليه السلام، طوال فترة دعوته، لم يكن له جيش ولا دولة. كان مستضعفاً في نظر أعدائه، مطارداً من سلطة غاشمة تآمرت على قتله. فلم تكن فوقيته أبداً فوقية مادية أو عسكرية.

‏لقد كانت فوقيته من نوع آخر، أسمى وأبقى: فوقية الحجة والبرهان.

‏كان يعجز علماء بني إسرائيل بمنطقه، ويقيم عليهم الحجة بآياته البينات، ويفضح زيفهم بقوة الحق الذي معه. وعندما عجزوا عن مواجهة "حجته"، لجأوا إلى استخدام "قوتهم" ضده. فكان هو "الفوق" بالحق والبرهان، وكانوا هم "الدون" بالزيف والبهتان.

‏إذن، فمنطق القرآن يقول: إذا كانت فوقية النبي المتبوع هي فوقية الحجة، فمن البديهي أن تكون فوقية أتباعه الحقيقيين من نفس الجنس. إنهم يرثون منه هذا السلاح الذي لا يُقهر: الحق الواضح، والبرهان الساطع.

‏الخلاصة:

‏الوعد الإلهي في الآية هو في أصله وأساسه وعدٌ بالفوقية في الحجة والمنطق والدليل. إنها فوقية العقل المستنير بالوحي على العقل المتخبط في الشرك.

‏* هذه الفوقية لا تتأثر بضعف مادي أو قوة عسكرية، فهي ثابتة لا تتغير.

‏* المسلمون اليوم، رغم ما بهم من ضعف، لا يزالون "فوق" غيرهم في هذه الساحة، لأنهم يحملون الحقيقة الصافية عن الله وعن المسيح وعن كل الأنبياء.

‏أما الفوقية المادية، فقد تأتي كثمرة وثمرة لاتباع الحق، لكنها ليست الأصل. الأصل هو امتلاك الحقيقة، وهذا هو أعظم نصر وأبقى فوقية. فالضعيف الذي يملك الحجة، أقوى من القوي الذي يعيش في الوهم.


فوقية الحجة لا السيف: كيف كشف لنا حال المسيح معنى فوقية أتباعه؟ ‏

 ‏  ‏في سورة آل عمران، وعدٌ إلهي قاطع يتردد صداه عبر القرون: "وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ ال...